دعاء طواف الوداع

يُشرع للمسلم أن يدعو في طوافه بما شاء وأحبّ من خيريّ الدنيا والآخرة، ولم يثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه خصّ طواف الوداع بدعاءٍ مُعيّن، ولكن أُثِر عن ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنّه كان يقول في طواف الوداع:


"اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيّرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضاً، وإلا فمن الآن فارض عني قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم فاصحبني بالعافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي بين خير الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير".[١]


وقد استحبّ الإمام الشافعي -رحمه الله- هذا الدعاء في طواف الوداع، وكان يقول: "أُحِبُّ لَهُ إِذَا وَدَّعَ الْبَيْتَ أَنْ يَقِفَ فِي الْمُلْتَزَمِ وَهُوَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ فَيَقُولَ: اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُكَ، وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ..."،[٢] وقد استحبّه أهل العلم كذلك، ومَن ترك الدعاء به فلا شيء عليه، لأنّه ليس من الواجبات.[٣]


دعاء النبي في الطواف عموماً

كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُكبّر عندما يستلم الحجر الأسود في طوافه، ويدعو بين الركن اليماني والحجر الأسود فيقول: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[٤] ولم يرد عنه أنّه كان يدعو بغير ذلك في الطواف، وباب الدعاء واسع، فيُشرع للمسلم أن يدعو بالطواف بالإضافة إلى ما سبق بما أحبّ وشاء من الأدعية الجامعة لخيريّ الدنيا والآخرة.[٥]


أدعية مختارة في طواف الوداع

يُمكن للمسلم أن يتخيّر في طواف الوداع وغيره ما شاء وأحبّ من الأدعية، وله أن يدعو بالأدعية النبوية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، بالإضافة إلى الدعاء بقبول عمله، وبما يحتاجه ويتمنّاه، ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي:


أدعية مأثورة

من الأدعية المأثورة التي يُمكن للمسلم أن يدعو بها في طواف الوداع ما يأتي:

  • (رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا).[٦]
  • (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).[٧]
  • (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي).[٨]
  • (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ).[٩]
  • (اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا).[١٠]
  • (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا معاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا معادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ).[١١]
  • (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى).[١٢]
  • (اللَّهُمَّ أَعِنَّا على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسنِ عِبادتِكَ).[١٣]


أدعية أخرى عامّة

الدعاء بابه واسع، ومن الأدعية التي يُمكن للمسلم أن يدعو بها في طواف الوداع ما يأتي:

  • اللهم تقبل منّي طاعتي وصالح أعمالي، واجعل سعيي مشكوراً، وذنبي مغفوراً، وعملي مقبولاً.
  • اللهم لا تجعل هذا آخر عهدي بزيارة بيتك الكريم، وأعدْني إليه مراتٍ عديدة، وأزمنة مديدة.
  • الله ارض عني، وتقبّل منّي صالح عملي، واكتب لي ثواب حجّ بيتك الكريم.
  • اللهم اغفر ذنبي فأعود كيوم ولدتني أمّي، وثبّتني على صراطك المستقيم، وأحسن خاتمتي، وردّني إليك ردَّاً جميلاً.
  • الحمد لله ربّ العالمين على أن رزقني زيارة وحجّ بيته الكريم حمداً كثيراً طيِّباً مباركاً فيه، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

المراجع

  1. حسين بن محمد آل الشيخ، مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية، صفحة 37.
  2. أبو بكر البيهقي، السنن الصغير، صفحة 205، جزء 2.
  3. عبد العزيز الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 4، جزء 25. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:201
  5. "ما يقول أثناء الطواف؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2023. بتصرّف.
  6. سورة الكهف، آية:10
  7. سورة الفرقان، آية:74
  8. سورة طه، آية:25-28
  9. سورة النمل، آية:19
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم:2722، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2720، صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2721، صحيح.
  13. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1862، صحيح.