الحج إلى بيت الله الحرام

الحجّ إلى بيت الله الحرام ركنٌ من اركان الإسلام يجب على كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ مرةً في العُمر عند الاستطاعة والقدرة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[١] ويؤدّى الحجّ بكيفيةٍ مخصوصةٍ بيانها في المقال الآتي.[٢]


صفة الحج بشكل مختصر

الإحرام

الإحرام هو: عقد النية في القلب على أداء أعمال ونُسك الحجّ، ولا يصحّ الحجّ دون إحرامٍ، لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)،[٣] وبمجرّد الإحرام يحرّم على الحاجّ ما كان حلالاً له من النساء والتطيّب والصيد وقصّ الأظافر وغيرها من المحظورات، والإحرام بالحجّ له ثلاثة أنواعٍ يُحرم الحاجّ بأحدها، بيانها فيما يأتي:[٤]

  • الإفراد بالحجّ: أن ينوي الحاجّ الإحرام بالحجّ فقط دون العُمرة، ويبقى على إحرامه إلى اليوم الأول من عيد الأضحى وهو يوم النَّحر، ولا يجب الهدي على مَن أفرد إحرامه بالحجّ.
  • التمتع بالعمرة إلى الحجّ: وتكون بالإحرام بالعُمرة وحدها فيطوف ويسعى ويتحلّل بالحلق أو التقصير، ثمّ يحرم ثانيةً للحجّ، فيُفصل بين العُمرة والحجّ، ويجب على مَن أحرم متمتعاً الهَدْي.
  • القِران: وهو الإحرام بالعُمرة والحجّ معاً، وتتداخل أعمال الحجّ مع أعمال العُمرة، ولا يتحلّل من الإحرام إلّا في اليوم الأول من العيد يوم النَّحر، أي أنّه كالإفراد بالحجّ ويختلف عنه في النيّة وفي وجوب الهَدي على القارن.


طواف القدوم

طواف القدوم هو: الطواف الذي يؤدّيه الحاجّ عند دخول بيت الله الحرام، ويبدأ وقته من حين الدخول وينتهي بالوقوف بعرفة، وهو بمثابة تحيّة البيت، وهو سنةٌ في حقّ مَن أحرم بالحجّ قارناً أو مفرداً للقادم من خارج مكّة المكرّمة، قال -تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[٥] وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت في صفة حجّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (أنَّهُ أَوَّلُ شيءٍ بَدَأَ به حِينَ قَدِمَ أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بالبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً).[٦][٧]


السعي

السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواطٍ ذهاباً وإياباً بعد الطواف ركنٌ من أركان الحجّ عند المالكية والشافعية والحنابلة، وواجبٌ من واجبات الحجّ عند الحنفية.[٨]


يوم التروية

يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجّة، وهو اليوم الذي يُحرم فيه الحاجّ المتمتع أمّا القارن والمفرد فهما على إحرامهما الأول، فيخرّج الحجّاج في صباح ذلك اليوم إلى مِنى، ويؤدّون فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر اليوم التالي بقصرٍ دون جمعٍ، أيّ أنّهم يقصرون الصلاة الرباعيّة إلى ركعتَين.[٩]


الوقوف بعرفة

الوقوف بعرفة ركنٌ من أركان الحجّ لا يتمّ إلّا به، ويكون في اليوم التاسع من ذي الحجّة، وأجمع العلماء على أنّ وقت الوقوف بعرفة ينتهي بطلوع فجر اليوم التالي اليوم العاشر من ذي الحجّة اليوم الأول من عيد الأضحى، فيصّلي الحاجّ فجر اليوم التاسع ن ذي الحجّة في مِنى ثمّ ينطلق متوجّهاً إلى عرفة بعد طلوع الشمس بسكينةٍ ووقارٍ مردّداً الأدعية والأذكار المستحبة، ويُسنّ للحاجّ أن يغتسل قبل الوقوف بعرفة فإن لم يستطع فيتوضأ.[١٠]


المبيت بمزدلفة

يتوجّه الحاجّ إلى مزدلفة عند غروب شمس يوم عرفة اليوم التاسع من ذي الحجّة، ويصلّي فيها صلاتي المغرب والعشاء جمعاً بأذانٍ واحدٍ وإقامتَين، وإن خشي فوات وقت الصلاة صلّى في طريقه إلى مزدلفة، ويبيت ليلته فيها، ثمّ يصلّي الفجر، ثمّ ينطلق إلى مِنى لرمي جمرة العقبة.[١١]


رمي جمرة العقبة

يرمي الحاجّ جمرة العقبة وهي الجمرة الكبرى بسبع حصياتٍ متتابعاتٍ مع التكبير عند رمي كلّ حصاةٍ بقول: "الله أكبر"، ويُسنّ للحاجّ عند الرمي أن يستقبل الجمرة ويجعل مكّة إلى يساره ومِنى إلى يمينه، ويكون ذلك في اليوم العاشر من ذي الحجّة يوم النَّحر.[١١]


ذبح الهدي

يذبح الحاجّ الهَدي من الغنم أو البقر أو الإبل بعد رمي جرة العقبة إن كان إحرامه للحجّ قراناً أو تمتعاً إن كان من غير أهل مكة، وإن لم يستطع ذبح الهدي صام ثلاثة أيامٍ في الحجّ وسبعة أيامٍ عند عودته إلى بلده، قال -تعالى-: (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).[١٢][١٣]


الحلق والتقصير

يتحلّل الحاجّ من إحرامه بعد ذبح الهدي تحلّلاً أصغر بالحلق أو التقصير، فالذكر يحلق أو يقصّر والأنثى تقصّر من شعرها، وبذلك يتحلّل الحاجّ التحلّل الأول أو الأصغر، فيحلّ له كلّ ما كان محظوراً عليه إلّا جِماع زوجته.[١١]


طواف الإفاضة

طواف الإفاضة هو ركنٌ من أركان الحجّ لا يصحّ إلّا بالإتيان به، ويؤدّيه الحاجّ بعد الحلق أو التقصير، أي في يوم النَّحر اليوم العاشر من ذي الحجّة، فيطوف سبعة أشواطٍ بالكعبة، ثم يعود إلى مِنى.[١٤]


رمي الجمرات

يرمي الحاجّ الجمرات الثلاث: جمرة العقبة والجمرة الوسطى والصغرى بسبع حصياتٍ متتابعاتٍ في كلّ يومٍ من أيّام التشريق الثلاثة؛ اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، فيبدأ برمي الجمرة الأولى الصغرى فيرميها بسبع حصياتٍ ويكبّر عند رمي كلّ حصاةٍ، ثمّ يرمي الوسطى بسبع حصياتٍ أيضاً، ثمّ يرمي جمرة العقبة بسبعٍ، ويكّرر الري بنفس العدد والترتيب والكيفية في اليوم الثاني عشر والثالث عشر، وإن تعجّل وأراد العودة إلى بلده لا يرمي في اليوم الثالث عشر.[١٥]


طواف الوداع

يجب على الحاجّ الطواف بالكعبة سبعة أشواطٍ بعد الانتهاء من مناسك الحجّ وقبل الخروج من مكّة المكرمة، وهو بمثابة وداع مكة والبيت الحرام.[١٦]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
  2. ياسر تاج الدين حامد، "أركان الإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 7/3/2022. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، صحيح.
  4. عبد العزيز الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 5-7. بتصرّف.
  5. سورة الحج، آية:29
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1641، صحيح.
  7. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 173-174. بتصرّف.
  8. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 54-55. بتصرّف.
  9. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 112. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 317-332. بتصرّف.
  11. ^ أ ب ت محمد صالح المنجد، "صفة الحج"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 7/3/2022. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية:196
  13. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 278. بتصرّف.
  14. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 589. بتصرّف.
  15. سعيد بن وهف القحطاني، رمي الجمرات في ضوء الكتاب والسنة وآثار الصحابة رضي الله عنهم، صفحة 60-61. بتصرّف.
  16. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 317. بتصرّف.