بيت الله الحرام أطهر وأشرف بقعة على وجه الأرض، عظّمه الله تعالى وجعله حرماً آمناً، ومكاناً للمتعبدين المبتهلين، فعند الطواف يشعر الطائف بعظمة الله، ممّا يجعله ذاكراً لله -تعالى-، فكل ما يقوم به أثناء الطواف من مشيٍ، واستلام وتقبيل للحجر الأسود والركن اليماني، وغيره من جملة الذكر، حيث شُرع الطواف إقامةً لذكر الله -تعالى-، وتعظيماً وتعبداً له،[١] فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّما جُعل الطوافُ بالبيتِ، و بينَ الصفا و المروةِ و رميِ الجمارِ : لإقامةِ ذكرِ اللهِ).[٢]


صفة الطواف

فيما يلي بيان صفة الطواف حول الكعبة:[٣][٤]

  • قبل البدء بالطواف يستقبل الطائف وجهه للحجر الأسود، بمعنى أن يكون وجهه باتجاه الحجر الأسود ومقابل له، ثم يستلمه أي يسمح عليه بيده إن أمكن دون أن يزاحم الناس، ويقبله دون إظهار صوتٍ، فإذا لم يتمكّن من التقبيل ومسح عليه بيده فحسب، يقبّل يده، وإن لم يستطع لمسه يُشير إليه بيده، وبمجرد بدء الطائف بالطواف يتوقف عن التلبية، ويقول ما أراد من ذكرٍ، وقراءة قرآنٍ، ودعاءٍ، أثناء طوافه.
  • ويكون طوافه بجعل البيت عن يساره ويمينه إلى الخارج، ثم يستمر بالطواف حتى يصل إلى الركن اليماني، فيمسحه بيده، إن تمكّن من ذلك، وإلا فلا يفعل شيئاً، ويقول بينه وبين الحجر الأسود: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[٥] ويستمر هكذا إلى أن يطوف سبعة أشواطٍ، يبدأ من الحجر الأسود وينتهي به.
  • ويُسنّ للرجل في الطواف الاضطباع؛ بمعنى أن يضع منتصف ردائه تحت إبطه الأيمن ويضع طرفيْه عند كتفه الأيسر فيكون كتفه الأيمن مكشوفاً، ويسن له كذلك الرَّمل في الأشواط الثلاث الأولى؛ وهو الإسراع في المشي، بحيث تكون خطواته متقاربة.


أنواع الطواف

أجمع أهل العلم أن الأطوفة المشروعة في الحج ثلاثة، وهي؛ طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع، وأجمعوا كذلك أنه ليس في العمرة إلا طواف واحد؛ وهو طواف العمرة، ويسمى طواف الفرض أو طواف الركن، وما زاد على هذه الأطوفة سواء في الحج أو العمرة، يكون طواف نفل، وفيما يلي بيان أطوفة الحج الثلاثة:[٦]


طواف القدوم

وهو الطواف الذي يؤديه الحاج عند قدومه ودخوله مكة المكرمة؛ تحية للبيت الحرام وتكريماً له، حيث يستحبّ البدء به دون تأخير، وهو سنة عند الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وواجب عند المالكية؛ حيث يجب بتركه عندهم الدم؛ أي الذبح، إلّا لمن خشي أن يفوته الحج إن اشتغل بأدائه أو إعادته، ولا دم عليه حينها.[٧]


طواف الإفاضة

يسمى أيضاً بطواف الزيارة أو طواف الركن، وقد أجمع العلماء على وجوبه وفرضيته، وأنّ تفويته يعني تفويت الحج، ولا يجزئ عن ذلك الذبح؛ فهو ركن من أركان الحج؛ لقوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[٨]، وهو الطواف الوحيد الذي يجب في حق المكيّ الذي يقيم في مكة.


طواف الوداع

وسمّي بطواف الوداع؛ لأنه آخر طوافٍ للحاجّ في البيت، فيودعه قبل ذهابه، ويُسمى بطواف الصدر؛ لصدور الناس-أي رجوعهم- من مكة وذهابهم إلى ديارهم، أّما حكمه، فقال جمهور الفقهاء أنه واجبٌ ومن تركه يجب عليه الذبح، وقال المالكية أنه سنة؛ لأنه لو كان واجباً لوجب في حقّ الحائض والنفساء كطواف الإفاضة، حيث إن طواف الوداع يسقط في حق الحائض والنفساء لعدم طهارتهما، ولا يترتب عليهما شيء بتركه.


المراجع

  1. ابن عثيمين، مجموع فتاوى ابن عثيمين، صفحة 319. بتصرّف.
  2. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2574، صحيح.
  3. ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 5. بتصرّف.
  4. النووي، المجموع شرح المهذب، صفحة 13. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:200
  6. وهبة الزحيلي، ادلة الفقه الاسلامي، صفحة 2201-2206. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 121-122. بتصرّف.
  8. سورة الحج، آية:29