إنّ الطّواف كغيره من العبادات شُرع لحكمةٍ عظيمةٍ؛ ألا وهي طاعة الله -تبارك وتعالى- والتقرّب إليه فيما أمر به، والطواف من مناسك الحجّ والعمرة؛ إذ لا بُدّ على كلّ حاجٍّ ومعتمرٍ أن يطوف بالبيت الحرام، وآتيًا في هذا المقال حديثٌ عن شروط صحّة الطواف وبيانٌ لها.


شروط صحة الطواف

ذكر الفقهاء جملةً من الشروط التي لا بدّ منها لصحّة الطواف بالبيت العتيق، نبيّنها على النَحو الآتي:[١]

  • الطّهارة من الحدث: اتّفق أهل العلم على مشروعيّة الطهارة من الحدث في الطّواف، واختلفوا في لُزومِها؛ حيث ذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى أنّ الطّهارة من الحدث شَرط لصحّة الطّواف، بدليل قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لعائشة -رضي الله عنها- حينَ حَاضت: "افعلي ما يَفعلُ الحاج غيرَ ألّا تطّوفي بالبيت حتّى تطهري"،[٢] أمّا الحنفيّة فقد ذهبوا إلى أنّ الطهارة واجبةٌ في الطواف وهو روايةٌ عن الإمام أحمد.
  • ستر العورة: وذلك كما في الصّلاة؛ فلو طاف العبد دون سترها بطل طوافه عند الجُمهور، أمّا الحنفيّة فقد ذهبوا إلى أنّ ستر العورة واجبٌ وليس شرطًا لصحّة الطواف؛ فلا يفسد الطّواف بدونه، إلّا أنّه يلزمه دمٌ؛ أي ذبح شاةٍ.
  • الترتيب: أيّ أن يطوف على يمينه ويجعل البيت على يساره، فإنّ طاف وجعل البيت على يَمينه لَم يُجزئه، ولا يصح طوافه، وهذا الشّرط عند الجُمهور، أمّا الحنفيّة فقالوا إنّ الترتيب واجبٌ في الطّواف، والطّواف على عكسه صحيح مع الكراهة التحريمية وتَجِبّ إعادته ما دام بمكّة وإلّا فعليه دمٌ.
  • أنّ يكون الطّواف بجميع البيت: فإن طاف من داخل الحِجر أو طاف على جداره لم يُجزئه، ولم يصحّ طوافه باتّفاق المذاهب الأربعة.[٣]
  • أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود وينتهي إليه: فلو بدأ الطواف من غيره لم يعتدّ بما بدأ منه، وإنّما من الحجر الأسود، وهذا ما استقرّ عليه الجمهور، أمّا الحنفيّة فيرون أنّ ذلك واجبٌ إنّ خالفه الطّائف وَجَب عليه الإعادة ما دام في مكّة، فإن رجع إلى بلده ولم يعده؛ فعليه دم.[٤][٥]
  • النيّة: فالطّواف عبادةٌ مقصودةٌ لا بُدّ لها من نيَّةٍ؛ لقول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "إنّما الأعمالُ بالنيّات، وإنّما لِكُلِّ إمرئ ما نَوى"،[٦] فإذا لم ينو الطواف وإنما جعل يدور حول الكعبة لِيتابع شخص أو لأيّ غرضٍ آخر فإنّه لا يصحّ طوافه؛ فهو لم ينو الطّواف وإنّما نوى شيئًا آخر.
  • المُوالاة بَين الأشواط: تجب المُوالاة بين الأشواط عند المالكيّة والحنابلة، وهي سُنَّةٌ للاتِّباع عند الشافعيّة والحنفيّة.
  • أنّ يكونَ الطّواف سَبعةَ أشواطٍ كاملةٍ: فلو ترك شيئًا منها وإن كان قَليلًا لا يُجزئ؛ وذلك لحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه: "قَدِمَ النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- فطافَ بالبيت سَبعاً".[٧][٨]


مكروهات الطواف

ذكر الفقهاء جملةً من الأفعال والأمور التي تُكره عند الطّواف، ومنها:[٩]

  • رفع الصوت بالذكر والدعاء، بما يزعج الطّائفين ويشغلهم عن الدعاء والقرآن والابتهال إلى الله -عزّ وجلّ- في هذا المكان العظيم.
  • الكلام بغير الدعاء في أمور الدنيا أثناء الطواف فيما لا حاجة إِليه، وذلك أنّ الطائف يُؤَدّي عبادةً؛ فَينبغي أن ينشغل بها ويحرص على اغتنامها بقراءة القرآن والدعاء والتضرّع لخالقه سبحانه وتعالى.
  • الطواف وهو يدافع البول أو الغائط ونحو ذلك مما يُشغله عن حُضور قلبه وخشوعه.
  • إنشاد شعرٍ ليس من قبيل الذكر والثناء على الله عزّ وجلّ.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 123-133. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:305، صحيح.
  3. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2215. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الدر السنية، صفحة 183. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2214. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، صحيح.
  7. رواه الإمام البخاري، في البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:395، صحيح.
  8. عبدالله الطيّار، كتاب الفقه الميسر، صفحة 50. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 141. بتصرّف.