إن من عظيم رحمة الله تعالى وفضله على الخلق أنه فضّل بين الأوقات والأزمنة، فاختار منها أوقاتاً وأفردها على غيرها، وخصّها بمزيد الثواب والفضل ومضاعفة الأجور والحسنات، وجعلها مواسم للطاعات؛ ليكون ذلك أدعى إلى شحذ الهمة والعزيمة، وتجديد النية، فيغتنم المسلم هذه الأوقات ويحسن استقبالها باجتهاده في فعل الخيرات والأعمال الصالحة، وكل ما يرضي الله تعالى، ويسعى إلى ترك المنكرات والمعاصي، وكل ما يغضب الله تعالى، ومن هذه الأوقات الفاضلة على غيرها العشر من ذي الحجة، فقد أقسم الله في كتابه بفضلها وشرفها، فقال: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ)،[١] ويقصد بالليالي العشر هي العشر من ذي الحجة، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم أنها أعظم أيام الدنيا، فقال: (ما من أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه العَمَلُ فيهِنَّ من هذه الأيَّامِ العَشْرِ).[٢][٣]


فضائل العشر من ذي الحجة

تتعدد فضائل العشر من ذي، وفيما يلي بيان أبرزها:[٤][٥]


العمل الصالح فيها أفضل من غيرها

فقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم أنها أفضل أيام الدنيا، وأن العمل الصالح فيها أعظم من غيرها من الأيام، فقد قال صلى الله عليه وسلم في شأنها: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ).[٦]


هي الأيام المعلومات التي ذكرها الله في كتابه

قال علماء التفسير أن أيام العشر من ذي الحجة هي الأيام المعلومات التي ذكرها الله عزّ وجلّ في كتابه، وشرع لعباده أن يذكروه فيها، ورغبهم في ذلك، فقال: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ).[٧]


اشتمالها على أعمال الحج

حيث إن شعيرة الحج من أفضل العبادات وأجل القربات، وأعمال الحج من أفضل الأعمال وأعظمها أجراً عند الله عزّ وجلّ، حيث جاء في الحديث: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ: أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ فَقالَ: إيمَانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ. قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ).[٨]


وجود يوم عرفة فيها

وهو اليوم الذي يباهي به الله ملائكته بأهل الموقف الذين يقفون على عرفات، وهو يوم عتق الرقاب من النار ومحو الخطايا، وبسط الرحمة والعفو والتوبة، فصيامه سبب لتكفير الذنوب، حيث جاء في الحديث: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ).[٩]


وجود يوم النحر فيها

وهو خير أيام السنة وأفضلها على الإطلاق، وأعظم الأيام حرمة عند الله عزّ وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ..).[١٠]


اجتماع أمهات العبادات فيها

فقد حظيت العشر من ذي الحجة بهذه المكانة العظيمة والمنزلة الرفيعة؛ لأنها تجتمع فيها أمهات العبادات، ففيها تقام الصلاة، وتؤدى الصدقات، ويقرأ القرآن، ويُذكر اسم الله، وتؤدى فريضة الحج، كما ويستحب صيام الأيام التسعة الأولى منها، ولا يكون ذلك في غيرها من الأيام.


المراجع

  1. سورة الفجر، آية:1-2
  2. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6154، صحيح.
  3. "فضل العشر من ذي الحجة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/3/2022. بتصرّف.
  4. "عشر ذي الحجة .. واغتنام مواسم الخيرات"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 6/3/2022. بتصرّف.
  5. "عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبّة فيها "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 6/3/2022. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:969، صحيح.
  7. سورة الحج، آية:28
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:26، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:1162، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عبدالله بن قرط، الصفحة أو الرقم:1765 ، صحيح.