أنواع الحج
اتفق الفقهاء على أن أوجه الإحرام بالحج وأدائه ثلاثة؛ وهي ما تعرف بأنواع نسك الحج؛ الإفراد، والتمتع، والقِران، وقد انعقد الإجماع على مشروعية هذه الأنواع الثلاثة، وأن الحاج مخيّر بينها عند انعقاد نيته للحج، وفيما يلي بيانها:
حج الإفراد
يُراد بحجّ الإفراد أن ينوي الحاجّ أداء الحجّ فقط، فيقول: "لبيك اللهمّ حجّاً"، فيُحرم من أول الحجّ ويبقى على إحرامه إلى يوم النَّحر وهو اليوم الأول من عيد الأضحى، فلو أحرم أوّل شهر شوال فإنّه يبقى على إحرامه إلى يوم النَّحر وبعد رمي جمرة العقبة، ولا يترتّب عليه أداء الهَدْي من الغنم أو البقر يوم النَّحر؛ لأنّه أحرم بالحجّ وحده.[١]
حج التمتع
حجّ التمتع هو الحجّ الذي ينوي فيه الحاجّ أداء العمرة والحجّ معاً، فيُحرم بالعمرة أولاً، ويؤدّي العُمرة ثمّ يتحلّل من إحرامه ثمّ يُحرم للحجّ، فيقول عند الإحرام بالعُمرة: "لبيك اللهمّ عمرةً متمتعاً بها إلى الحجّ"، فيؤدي العُمرة بكافّة أعمالها ويتحلّل من إحرامه بعد الحلق والتقصير، ثمّ يُحرم بالحجّ مرةً أخرى في اليوم الثامن من ذي الحجّة، ويجب عليه أداء الهَدي من الغنم أو البقر يوم النَّحر وهو اليوم الأول من عيد الأضحى؛ شُكراً لله -تعالى- على ما أنعم عليه من أدائه لأعمال الحجّ والعُمرة في سفرٍ واحدٍ.[١]
حج القرآن
حجّ القِران هو الحجّ الذي يشبه حجّ التمتع من جهةٍ ويُشبه حجّ الإفراد من جهةٍ أخرى، فيُشبه حجّ الإفراد من حيث أنّه لا يتحلّل فيه الحاجّ من إحرامه؛ أي أنّه يبقى على إحرامه من أول يومٍ إلى يوم النَّحر بعد رمي جمرة العقبة، ويُشبه حجّ التمتع من حيث أنّه يجمع فيه المسلم بين الحجّ والعُمرة في سفرٍ واحدٍ وأعمالٍ واحدةٍ فلا يفصل بين الحجّ والعمرة، فيسعى مرةً واحدةً للحجّ والعمرة، ويقول عند إحرامه: "لبيّك اللهمَ بحجٍّ وعمرةٍ"، ويجب عليه ذبح الهَدْي يوم النَّحر؛ حمداً لله بأنّ وفقّه ويسّر له أداء الحجّ والعًمرة مرةً واحدةً في سفرٍ واحدٍ.[١]
أفضل أنواع الحج
تعددت آراء أهل العلم في المفاضلة بين أنواع الحج الثلاثة، وذلك بسبب اختلاف الروايات التي وردت في حج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيما يلي بيان آرائهم:[٢][٣]
القول الأول: الإفراد أفضل أنواع الحج
ذهب المالكية والشافعية إلى القول أن الإفراد بالحج أفضل أنواع الحج، وهو مرويّ عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وابن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وجابر بن عبد الله -، وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنهم-، والإمام أبي ثور والأوزاعي -رحمهما الله-، ومن أدلتهم التي استدلوا به الحديث الصحيح الذي روته السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (خَرَجْنا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَمِنَّا مَن أهَلَّ بعُمْرَةٍ، ومِنَّا مَن أهَلَّ بحَجَّةٍ، ومِنَّا مَن أهَلَّ بحَجٍّ وعُمْرَةٍ، وأَهَلَّ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحَجِّ).[٤]
القول الثاني: القران أفضل أنواع الحج
ذهب الحنفية إلى القول أن القران أفضل أنواع الحج، وهو قول سفيان الثوري، والمزني صاحب الشافعي، وابن المنذر، وأبي إسحاق المروزي -رحمهم الله-، واستدلوا بالحديث الصحيح الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (سَمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُلَبِّي بالحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا. قالَ بَكْرٌ: فَحَدَّثْتُ بذلكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقالَ: لَبَّى بالحَجِّ وَحْدَهُ. فَلَقِيتُ أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَقالَ أَنَسٌ: ما تَعُدُّونَنَا إلَّا صِبْيَانًا! سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا).[٥]
القول الثالث: التمتع أفضل أنواع الحج
ذهب الحنابلة إلى القول أن التمتع أفضل أنواع الحج، ورُوي هذا القول عن ابن عمر، وابن الزبير، وعائشة، والحسن -رضي الله عنهم-، وعطاء، ومجاهد، وجابر بن زيد، والقاسم، وسالم، وعكرمة -رحمهم الله-، وهو أحد قوليْ الإمام الشافعي، واستدلوا بالحديث الصحيح الذي رواه ابن عمر- رضي الله عنه-: (تَمَتَّعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ وأَهْدَى، فَسَاقَ معهُ الهَدْيَ مِن ذِي الحُلَيْفَةِ، وبَدَأَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأهَلَّ بالعُمْرَةِ ثُمَّ أهَلَّ بالحَجِّ).[٦]
المراجع
- ^ أ ب ت محمد حسن عبد الغفار، دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 44-45. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2193-2195. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4408، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1232، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1691، صحيح.