التكبير في أيام الحج

مشروعيّة التكبير في أيام الحج

شرع الله -سبحانه- التكبير في أيام ذي الحجّة للمُحرم بالحجّ ولغير المُحرم، على اعتبار أنّ التكبير ذكر لله -تعالى-، وقد جاءت النصوص الشرعيّة من الكتاب والسنة تُؤكد على ذلك، منها قوله -تعالى-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ...)،^[١] وقوله -تعالى-: (وَاذْكُرُواْ الله فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ...).^[٢][٣]

أمّا من السنة النبويّة فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)، وفي رواية زاد: (... وَذِكْرٍ لِلهِ عزّ وجل)،^[٤] وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ).^[٥][٣]

كما جاء عن الصحابة -رضوان الله عليهم- أنّهم كانوا يخرجون إلى الأسواق في أيام العشر من ذي الحجّة فيكبرون، ويُكبّر الناس بتكبيرهم، كفعل ابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم جميعاً-.^[٣]

ولقد بحث العلماء في مسألة التكبير في أيام الحجّ، فقسّموا هذا التكبير إلى نوعين اثنين؛ مطلقٌ ومقيّد، ويمكن بيانهما على النحو الآتي:

التكبير المطلق

يبدأ التكبير المطلق عند جمهور أهل العلم من بداية دخول شهر ذي الحجّة إلى نهاية اليوم الثالث عشر من الشهر نفسه، ويكون التكبير في كل وقت وحين، من الليل والنهار،^[٦] وقيل يُسنّ التكبير في المنازل والطرقات والأسواق، كما يُسنّ عند رؤية بهيمة الأنعام في العشر من ذي الحجة.^[٧]

ويجتمع التكبير المطلق بالمقيّد من فجر يوم عرفة، وقيل من ظهر يوم النحر؛ لأنّ الحاجّ يكون منشغلاً بالتلبيّة، ولكنّ الأفضل عند أهل العلم أن يجمع بين التكبير والتلبيّة بدليل الحديث الثابت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (... كانَ يُهِلُّ مِنَّا المُهِلُّ فلا يُنْكِرُ عليه، ويُكَبِّرُ مِنَّا المُكَبِّرُ فلا يُنْكِرُ عليه).^[٨][٦]

وتكون صيغة التكبير كما جاء عن الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-، بقول: "اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، وللهِ الحَمْدُ"، وقد علّق ابن حجر -رحمه الله- على هذه الصيغة بأنّها وإن لم تصحّ بحديث مرفوع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، إلا أنّ الصحابة الكرام قدوة وأسوة، وقد نقل غير واحد من أهل العلم إجماع الصحابة على هذه الصيغة في التكبير.^[٦]

التكبير المقيّد

يُقصد بالتكبير المقيّد التكبير الذي يكون بعد أداء الصلوات المفروضة، فهو لا يكون في كل وقت وكل حين كما في المطلق، ويبدأ هذا التكبير من فجر عرفة -كما أشرنا-، وينتهي بعد صلاة العصر من اليوم الثالث من أيام التشريق، وذلك لما صحّ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه: (كان يُكبِّرُ بعدَ صلاةِ الفَجرِ يومَ عَرَفةَ إلى صلاةِ العصرِ من آخِرِ أيامِ التشْريقِ).^[٩][١٠]

كما صحّ عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه: (كان يُكَبِّرُ من صَلاةِ الصُّبحِ يَومَ عَرَفةَ إلى صَلاةِ العَصرِ من آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ).^[١١] وقد ذهب أهل العلم أنّ صيغة التكبير المقيّد تكون مشابهة لما ورد في صيغة التكبير المطلق، والتي جاءت عن الصحابة -رضوان الله عليهم-.^[١٠]