فضل العشر من ذي الحجة
أيام العشر من ذي الحجّة أيامٌ عظيمةٌ، فيها يعظم العمل الصالح، ويُكثَرُ من ذكر الله -تبارك وتعالى-، وفيه يوم عرفة الذي يجتمع فيه حجّاج بيت الله الحرام على صعيدٍ واحد، فيُباهي بهم الله الملائكة، وفيه يوم النّحر الذي يتقرّب فيه المسلمون إلى الله بذبح الأضاحي، ونذكر الفضائل العامة للعشر من ذي الحجّة والفضائل الخاصة ببعض أيامها فيما يأتي:
قَسَم الله تعالى بها في القرآن
أقسم الله -تعالى- بهذه الأيام في القرآن الكريم، وهذا بلا شكٍّ يدلّ على عِظم شأنها عنده -سبحانه-، فقد قال -تعالى-: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ)،[١] وقد ذهب جمهور المفسّرين إلى أنّ المقصود من الليالي العشر في هذه الآية الكريمة هو العشر من ذي الحجّة، ولذلك كانت هذه الأيام مفضّلة ومباركة ويُستحبّ الاجتهاد فيها بالطاعات والأعمال الصالحة.[٢]
عِظم فضل الأعمال الصالحة فيها
تتميّز هذه الأيام الفضيلة بمضاعفة أجر ثواب الأعمال الصالحة فيها عن غيرها، فقد ثبت أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال في فضلها: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ)،[٣] فيُستحبّ في هذه الأيام الإكثار من الأعمال الصالحة من الدعاء، وقراءة القرآن، والصدقة، وصومها لغير الحاج، والتكبير وذكر الله -سبحانه-، وأعمال البرّ بشتى أنواعها.[٤]
وفي هذا الحديث الشريف دلالةٌ على أنّ الأعمال الصالحة في هذه الأيام أفضل وأحبّ إلى الله -تعالى- منها في غيرها، فقد شهد النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنّها من أفضل أيام الدنيا، فحريٌ بالمسلم أن يجتهد فيها بالطاعة؛ لأنّ الأعمال الصالحة في هذه الأيام يُضاعف ثوابها كلّها بإذن الله.[٥]
فضائل خاصة ببعض أيام العشر
تميّزت بعض أيام العشر من ذي الحجّة بفضائل عظيمةٍ خاصة، ومنها يوم عرفة ويوم النّحر، ونذكر ما ثبت فيهما من الفضائل فيما يأتي:
فضل يوم عرفة
ثبت في فضل يوم عرفة العديد من الفضائل، ونذكرها فيما يأتي:
- صيام هذا اليوم يُكفّر ذنوب السنة الماضية والسنة المقبلة
وقد ذهب العديد من أهل العلم إلى أنّ المقصود هنا هو تكفير الصغائر من الذنوب، أمّا الكبائر فهي تحتاج إلى توبةٍ وإلى ردّ الحقوق إلى أصحابها،[٦] ويُستحبّ صيامها لغير الحاجّ حتى يقوى على العبادة والقيام بأعمال الحج، ويدلّ على هذا الفضل العظيم قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ).[٧]
- يومٌ يُكثر فيه عتق رقاب العِباد من النار
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[٨]
- يومٌ يُفاخر الله -تعالى- فيه بعباده أمام الملائكة
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ يباهي بأَهْلِ عرفاتٍ أَهْلَ السَّماءِ، فيقولُ لَهُم: انظُروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غبرًا).[٩]
فضل يوم النحر ويوم القر
دلّت الأحاديث على أنّ يوم النّحر أيضاً هو من أعظم الأيام عند الله -تعالى-، وهو اليوم العاشر من ذي الحجّة، ويكون أول أيام عيد الأضحى المبارك، ويدلّ على ذلك قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (أعظمُ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ يومُ النَّحْرِ، ثمَّ يومُ القرِّ)، قالَ أبو بَكْرٍ: "يومَ القرِّ يعني يومَ الثَّاني مِن يومِ النَّحرِ".[١٠][١١]
المراجع
- ↑ سورة الفجر، آية:1-2
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 118، جزء 30. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:969، صحيح.
- ↑ محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 322، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الفوزان، أحاديث عشر ذي الحجة وأيام التشريق، صفحة 5-6. بتصرّف.
- ↑ ابن الملك، شرح المصابيح، صفحة 540، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:1162، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1348، صحيح.
- ↑ رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4/449، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن عبدالله بن قرط، الصفحة أو الرقم:465، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 29/3/2023. بتصرّف.