اتفق جمهور أهل العلم على مشروعية النيابة في الحج، وذلك أن يقوم شخصٌ بأداء الحج عن غيره، سواء كان ميتاً لم يستطع أداء الحج في حياته، أو حياً يعجز عن أداء الحج بسبب المرض ونحوه،[١][٢] وقد استدل الفقهاء على مشروعية النيابة في الحج بعدة أحاديث، منها ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه من حديث الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِن خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ في الحَجِّ أدْرَكَتْ أبِي شيخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَوِيَ علَى الرَّاحِلَةِ فَهلْ يَقْضِي عنْه أنْ أحُجَّ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ)،[٣] وقد وضع الفقهاء مجموعةً من الشروط يجب أن تتحقق لتصحّ النيابة في الحج وتقبل، وفي هذا المقال بيانٌ لهذه الشروط.
شروط نيابة الحج
بيان أبرز الشروط التي اشترطها الفقهاء لصحة وجواز النيابة في الحج كما يلي:[٤][٥]
النية
يشترط على النائب أن ينوي نية الإحرام بالحج عن الأصيل؛ وذلك لأن النائب لا يحجّ عن نفسه، فلا بدّ من النية، ويفضّل أن ينطق النية بلسانه، كأن يقول: نويت الحج عن فلانٍ، أو أحرمت بالحجّ عن فلانٍ، ونحوه.
عجز الأصيل عن الحج
يشترط في الأصيل إذا كان حياً أن يكون عاجزاً لا يقدر على أداء الحج، ويملك المال الكافي لتحمّل تكاليف الحج وتوكيل غيره للحج عنه، أما إن كان سليماً صحيح البدن قادراً على أداء فريضة الحج، وعنده المال الكافي، فلا تجوز النيابة ولا تصح، وهذا باتفاق الحنفية، والشافعية، والحنابلة، خلافاً للمالكية الذين لم يجيزوا النيابة عن الحيّ مطلقاً، أما الحج عن الميت فجائزٌ باتفاق المذاهب الأربعة.
الوصية بالحج
يشترط في الأصيل إذا كان ميتاً أن يكون قد وصّى قبل مماته بالحج عنه، وهذا الشرط عند الحنفية والمالكية، خلافاً للشافعية والحنابلة، حيث قالوا أنه يجب الحج عن الميت إذا كان قادراً على الحج في حياته، سواءٌ وصّى أم لم يوصِ.
الأمر بالوصية
يشترط في الأصيل إذا كان حياً أن يأمر بالحج عنه، فلا يجوز الحج عنه من غير إذنه، وقال الحنفية بجواز حجّ الوارث بغير إذن المورّث، وقال الحنابلة باستحباب الحج عن الأبويْن إن كانا عاجزيْن.
استمرار ودوام العجز
اشترط الحنفية والشافعية باستمرار العجز ودوامه عند الأصيل إن كان حياً حتى يموت، كالمرض ونحوه، فإن زال قبل موته، فلا يجوز النيابة، ولا يصح حج غيره عنه، وقال الحنابلة بعدم اشتراط استمرار العجز.
كون نفقة الحج من الأصيل
ذهب الحنفية إلى اشتراط أن تكون نفقة الحج من الأصيل كلها أو أكثرها، باستثناء الوارث إذا تبرّع بالحجّ عن مورثه، وتبرأ ذمة الأصيل أيضاً إذا كان ميتاً بشرط ألا يكون قد أوصى بالحج عنه من ماله، وذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز التطوع بنفقات الحج مطلقاً.
كون النائب مسلماً مكلفاً
يشترط في النائب أن يكون مسلماً، فلا يصح حج الكافر، ويجب أن يكون بالغاً عاقلاً، وأجاز الحنفية نيابة الصبي المميز.
كون النائب قد حجّ حجة الإسلام
اشترط الشافعية والحنابلة أن يكون النائب قد حجّ عن نفسه حجة الإسلام من قبل، فلا يصح أن يحج عن غيره، وهو لم يحجّ عن نفسه، خلافاً للحنفية والمالكية فلم يشترطوا هذا الشرط.
المراجع
- ↑ "حكم الإنابة والاستئجار في الحج"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 7/3/2022. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2097. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1854، صحيح.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2106-2110. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 73-76. بتصرّف.