شروط وجوب وصحة الحج

شروط وجوب الحج

يجب الحجّ بتوفّر خمسة شروطٍ ولا يجب بعدم توفّر أحدها، وبيان الشروط آتياً:[١][٢]

  • الإسلام: فلا يجب الحجّ إلّا على المسلم ولا يصحّ إلّا منه، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فإيَّاكَ وكَرائِمَ أمْوالِهِمْ، واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فإنَّه ليسَ بيْنَها وبيْنَ اللهِ حِجابٌ)،[٣] فالحديث يدلّ على المسلم مأمورٌ بالصلاة والصيام والزكاة وغيرها من شرائع وتعاليم وأوامر الإسلام.
  • العقل: وهو شرطٌ لوجوب وصحّة الحجّ، فلا يجب الحجّ إلّا على العاقل ولا يصحّ إلّا منه، فلا يجب على فاقد العقل وإن أدّاه فلا يصحّ منه، فالمجنون لا يُكلّف بأوامر الإسلام وتعاليمه، استدلالاً بِما ورد من قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (رُفِعَ القلَم ُعَن ثلاثةٍ عن النَّائمِ حتَّى يَستيقظَ وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يكبُرَ وعنِ المَجنونِ حتَّى يعقِلَ أو يفيقَ).[٤]
  • البلوغ: ويكون البلوغ بإتمام سنّ التكليف، فالصبيّ ليس مكلّفاً بتعاليم الإسلام، وغير مخاطبٍ بها، وإن حجّ الصبي فحجّه صحيحٌ إلّا أنّه تجب عليه إعادته حينما يبلغ، وحدّد بعض العلماء البلوغ بسنّ الخامسة عشرة، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَرَضَهُ يَومَ أُحُدٍ، وهو ابنُ أرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي يَومَ الخَنْدَقِ، وأَنَا ابنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فأجَازَنِي، قالَ نَافِعٌ فَقَدِمْتُ علَى عُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ وهو خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هذا الحَدِيثَ فَقالَ: إنَّ هذا لَحَدٌّ بيْنَ الصَّغِيرِ والكَبِيرِ، وكَتَبَ إلى عُمَّالِهِ أنْ يَفْرِضُوا لِمَن بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ)،[٥] وممّا يدلّ على أنّ حجّ الصبي صحيحٌ ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لَقِيَ رَكْبًا بالرَّوْحَاءِ، فَقالَ: مَنِ القَوْمُ؟ قالوا: المُسْلِمُونَ، فَقالوا: مَن أَنْتَ؟ قالَ: رَسولُ اللهِ، فَرَفَعَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا، فَقالَتْ: أَلِهذا حَجٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ).[٦]
  • الحريّة: فلا يجب الحجّ إلّا على المسلم الحرّ.
  • الاستطاعة: أي القدرة بدنياً على أعمال الحجّ فيتحمّل الجسد مشاقّ السفر وأداء مناسك الحجّ، ومادياً على تكاليف الحجّ ذهاباً وإياباً وأن تكون تلك الأموال فائضةً عن حاجته الأساسية، ونقاته الشرعيّة ونفقات أهل بيته ومَن تلزمه نفقتهم إلى أن يعود من الحجّ، وقضاء ديونه اللازمة في ذمّته، بالإضافة إلى أمن الطريق وسلامته إلى مكة، ومَن وجب عليه قضاء ديونه يقضيها ولا يجب الحجّ عليه، استدلالاً بقول الله -تعالى-: (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)،[٧] ويُضاف للمرأة وجود مُحرمٍ على خلافٍ بين العلماء بيانه فيما يأتي:
  • الحنفية والحنابلة: قالوا إنّ وجود المُحرم ع المرأة في الحجّ شرطٌ من شروط الاستطاعة، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ، ولَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا ومعهَا مَحْرَمٌ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أنْ أخْرُجَ في جَيْشِ كَذَا وكَذَا، وامْرَأَتي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقالَ: اخْرُجْ معهَا).[٨]
  • المالكية والشافعية: قالوا إنّ المُحرم للمرأة في الحجّ ليس من شروط الاستطاعة، ويُمكن للمرأة أن تحجّ مع الرفقة المأمونة.


شروط صحة الحج

لا يصحّ الحجّ إلّا بتوفّر ثلاثة أمورٍ ويُحكم عليه بالبطلان بعدم توفّر أحدها، فيما يأتي بيان تلك الشروط:[٩]

  • الإسلام: لا يصحّ الحجّ إلّا من المسلم، وإن أدّى غير المسلم الحجّ فحجّه باطلٌ.
  • العقل: فلا يصحّ الحجّ من فاقد العقل بسبب الجنون أو غيره.
  • الميقات الزماني: فللحجّ زماناً لا يؤدّى في غيره، استدلالاً بقول الله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّـهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)،[١٠] وأشهر الحجّ هي: شوّال وذو القعدة وعشر من ذي الحجّة،
  • الميقات المكاني: وهي المواضع والأماكن التي حدّدها الشرع لأداء مناسك الحجّ فيها، فالوقوف بعرفة لا يصحّ إلّا في أرض عرفة، والطواف لا يصحّ إلّا حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، وهكذا في باقي مناسك الحجّ من رمي الجمار والمبيت بمِنى وغيرها.


المراجع

  1. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 17-18. بتصرّف.
  2. محمد صالح المنجد، "شروط وجوب الحج"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 3/3/2022. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:19، صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1673، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2664، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1336، صحيح.
  7. سورة آل عمران، آية:97
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1862، صحيح.
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 40-41. بتصرّف.
  10. سورة البقرة، آية:197