القران في الحج
حجّ القران هو أن ينوي الحاج في إحرامه أداء العمرة والحج معاً في أشهر الحجّ من أحد المواقيت المكانية التي حددتها الشريعة الإسلامية، فيؤديهما في نسكٍ واحدٍ، قائلاً عند نية دخوله في النسك: "لبيك اللهم عمرةً وحجاً"، أو "لبيك اللهم عمرة في حجةٍ"،[١] وقد دلّ على مشروعيته ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (سَمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُلَبِّي بالحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا. قالَ بَكْرٌ: فَحَدَّثْتُ بذلكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقالَ: لَبَّى بالحَجِّ وَحْدَهُ. فَلَقِيتُ أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَقالَ أَنَسٌ: ما تَعُدُّونَنَا إلَّا صِبْيَانًا! سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا).[٢]
وقد سمي بذلك؛ لأن الحاج يقرن ويوصل أعمال الحج بأعمال العمرة، من غير فاصل بينهما يتحلّل فيه من الإحرام، حيث يؤدي أعمال العمرة من طوافٍ وسعيٍ، دون أن يحلق أو يُقصّر، ويبقى على إحرامه حتى ينتهي من أعمال الحج.[١][٣]
صفة الحج للقارن
شرح كيفية أداء الحج لمن نوى القران كما يلي:[٤][٥]
الإحرام
يقوم الحاج الذي أردا حج القران بالدخول في النسك من أحد المواقيت المكانية التي يجب الإحرام منها، فينوي أداء الحج والعمرة معاً، مع استحباب التلفظ بها، ويستحبّ له أيضاً فعل سنن الإحرام؛ من اغتسالٍ، وتطيّبٍ، وقصّ الأظافر، وأداء ركعتين، ويقوم الرجل بارتداء ملابس الإحرام من إزارٍ ورداءٍ، وأما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب بشرط أن تكون ساترةً، خاليةً من الزينة والتبرّج، ويسنّ للمحرم بعد إحرامه الإكثار من ترديد التلبية ولا يقطعها حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر.
الطواف بالكعبة
يتوجه القارن عند وصوله مكة المكرمة نحو البيت الحرام، ليقوم بالطواف حول الكعبة سبعة أشواط، ويعد هذا الطواف بالنسبة للقارن طواف القدوم عند جمهور الفقهاء، وطواف العمرة عند الحنفية، وعليه أن يطوف طوافاً آخر للقدوم عندهم، ويبدأ القارن طوافه من الحجر الأسود، بحيث تكون الكعبة على يساره، ويسنّ له أن يستلم الحجر ويقبّله في كلّ شوط من الأشواط عند المرور إليه، من غير إيذاءٍ أو مزاحمةٍ.
ويستحب له مراعاة آداب الطواف وسننه، كالإكثار من التلبية، والدعاء، والذكر، وصلاة ركعتين بعد الانتهاء من الطواف عند مقام سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، ومما تجدر الإشارة إليه إلى أنه يستحب للقارن إن كان ذكراً أن يقوم أثناء طوافه بالاضطباع والرمل، والاضطباع: هو أن يقوم بجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، وطرفيْه على كتفيه الأيسر، مع بقاء كتفه الأيمن مكشوفاً، والرمل: هو أن يُسرع في المشي في الأشواط الثلاثة الأولى، فتكون خطواته متقاربة.
السعي بين الصفا والمروة
يقوم القارن بعد الانتهاء من الطواف بالسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواطٍ، مبتدئاً سعيه من الصفا ومنتهياً بالمروة، ويقع هذا السعي بالنسبة للقارن عن الحجّ والعمرة معاً عند الجمهور، ويقع عن العمرة فقط عند الحنفية، وعليه سعيٌّ آخر للحجّ، ويستحبّ له مراعاة آداب السعي وأحكامه، كالإكثار من الذكر، والتلبية، والدعاء، والثناء، والإسراع في المشي بين الميليْن الأخضرين للرجل دون المرأة.
ويبقى القارن ماكثاً في مكة المكرمة على إحرامه، حتى يأتي يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، ويتوجه إلى منى قبل دخول وقت صلاة الظهر، ويقوم بأداء خمس صلوات فيها؛ الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر يوم عرفة، حيث يبيت ليلة عرفة فيها، اتباعاً للسنة.
الوقوف بعرفة
يوم عرفة هو يومٌ عظيمٌ من أعظم أيام الحج، يؤدي فيه الحاج الركن الأعظم وهو الوقوف بعرفة، حيث إنه ركنٌ من أركان الحج، يبطل الحج بفواته، فينطلق القارن ملبياً مكبراً بعد طلوع الفجر من منى متوجهاً إلى عرفات، فيقف على أي جزء من أرض عرفات، فعرفة كلها موقف باستثناء جزءٍ منها يسمى (بطن عُرنة).
ويستمر الوقوف حتى غروب الشمس، ويؤدي صلاة الظهر والعصر قصراً وجمع تقديم، ويستحب له أن يراعي آداب الوقوف بعرفة وأحكامه وسننه، وأن يتضرّع إلى الله تعالى ويظهر ذلّه وافتقاره، ويكثر من الذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، والتلبية.
المبيت بمزدلفة
يتوجه القارن بعد غروب الشمس من يوم عرفة إلى مزدلفة، فينصرف بسكينة ملبياً، ولا يزاحم الناس، ويجمع فيها صلاة المغرب والعشاء جمع تأخير مع قصر صلاة العشاء، ويقوم بأداء صلاة الفجر من يوم النحر فيها، ويستحب له الدعاء والتلبية والذكر، وأن يأخذ الجمار من مزدلفة ليرمي لها الجمرات في يوم النحر وأيام التشريق، فإن لم يستطع أخذها كلها، جمع سبع حصيات ليرمي بها جمرة العقبة يوم النحر، وينطلق إلى منى قبل طلوع الشمس.
رمي جمرة العقبة
إن أول عمل يقوم به القارن عندما يصل منى هو رمي جمرة العقبة، حيث يرميها سبع حصيات، فيقطع التلبية عند ابتداء الرمي، ويرفع يده اليمنى بالرمي، جاعلاً مكة عن يساره، ومنى عن يمينه عند الرمي، ويكبّر مع كل حصاة.
نحر الهدي
إن الذبح واجب على القارن كالمتمتع، لأدائهما نسكي العمرة والحج في سفر واحد، بخلاف المفرد فالذبح سنة في حقه.
الحلق أو التقصير
يقوم الرجل بحلق شعر رأسه أو تقصيره، والحلق أفضل له، أما المرأة فتقوم بتقصير شيئاً يسيراً من أطراف شعرها.
طواف الإفاضة
وهو ركن من أركان الحج، حيث يتوجه القارن من منى إلى مكة ليطوف بالبيت، وإذا لم يكن القارن قد سعى بين الصفا والمروة بعد طواف القدوم وجب عليه أن يسعى بعد طواف الإفاضة، فإن قدّم السعي فلا يضطبع الرجل ولا يرمل في هذا الطواف، وإن لم يقدمه فيضطبع ويرمل في طواف الإفاضة ثم يسعى.
رمي الجمرات
يعود القارن بعد الانتهاء من طواف الإفاضة إلى منى ليبيت ليالي التشريق فيها، ويقوم برمي الجمرات الثلاث في كل يوم من أيام التشريق الثلاثة على الترتيب؛ الصغرى والوسطى والعقبة، كل واحدة سبع حصيات.
طواف الوداع
يقوم القارن بتوديع البيت الحرام بأدائه طواف الوداع، بعد الانتهاء من رمي الجمرات أيام التشريق، وهو آخر عمل يقوم به القارن، وبه يكون قد أنهى حجه قارناً قبل مغادرته مكة المكرمة.
المراجع
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 101-107. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1232، صحيح.
- ↑ أحمد عبد القادر، فقه الحج والزيارة، صفحة 37-38. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 45-48. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 305-317. بتصرّف.