فرض الله تعالى على عباده القادرين الحجّ إلى بيته الحرام؛ لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلً)،[١] وجاءت نصوص القرآن الكريم والسنّة النبويّة مبيِّنةً لأركانه وشروطه ومناسكه التي على الحاجّ أداؤها؛ ليتمّ حجّه، وطواف الإفاضة أحد مناسك الحجّ، وآتيًا تعريفٌ به، وبيانٌ لحكمه وشروطه وكيفيّته ووقت أدائه.
طواف الإفاضة
تعريف طواف الإفاضة
عرّف علماء اللغة والشرع الإفاضة على النحو الآتي:[٢]
- الإفاضة في اللغة: أصل الإفاضة في اللغة من الصّبِّ، ثمّ استُعيرت لتطلق على الزحف وتدافع السير.
- الإفاضة اصطلاحًا: الإفاضة في الاصطلاح الشرعي تُطلق على اندفاع الحجّاج وسيرهم من مِنى إلى مكّة المكرّمة يوم النحر؛ أي اليوم الأول من أيّام عيد الأضحى، العاشر من ذي الحجّة؛ للطواف ببيت الله الحرام.
أسماءٌ أخرى لطواف الإفاضة
إنّ لطواف الإفاضة أسماءً أخرى تُطلق عليه في الشرع، ومنها:[٢]
- طواف الزيارة: وذلك لأنّ الحاجّ يَقدم من مِنى إلى مكّة المكرّمة للطواف ببيت الله الحرام زائرًا؛ أي لا يُقيم ويمكث في مكّة بل يعود إلى مِنى بعدها.
- طواف الواجب أو طواف الركن: ويسمّى كذلك طواف الفرض، وهذه التسمية تبعًا لحكم هذا الطواف الذي سيأتي بيانه آتيًا.
حكم طواف الإفاضة
إنّ طواف الإفاضة واجبٌ بإجماع الفقهاء؛ لكونه ركنًا من أركان الحجّ، وقد استدلّوا على فرضه وركنيّته بأدلَّةٍ من القرآن الكريم والسنة النبويّة، منها:[٣][٤]
- قول الله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)؛[٥] فالعلماء مجمعون على أنّ الطواف المأمور به في الآية هو طواف الإفاضة.
- ما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن أمّ المؤمنين صفيّة بنت حيي -رضي الله عنها- أنّها حاضت في الحجّ، فأخبرت عائشة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فسأل: "أحَابِسَتُنَا هي قالوا: إنَّهَا قدْ أفَاضَتْ قالَ: فلا إذًا"؛[٦] فالحديث يشير إلى أنّ أمّ المؤمنين صفيّة لو لم تكن أفاضت؛ أي طافت طواف الإفاضة، لبقيت في مكّة مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حتّى تطهر من حيضها وتؤدّيه؛ فدلّ ذلك على كونه فرضًا.
وقت طواف الإفاضة
إنّ وقت الأفضلية أو الوقت المستحبّ لأداء طواف الإفاضة هو أوّل نهار يوم النحر، بعد أن يرمي الحاجّ الجمرات وينحر الهَدي ويحلق رأسه، فهذا وقت الأفضليّة، أمّا الوقت المشروع لأداء طواف الإفاضة؛ فآتيًا بيانه وبيان أقوال العلماء في تحديده:[٢]
- أوّل وقت طواف الإفاضة: اتّفق العلماء على أنّ طواف الإفاضة يكون بعد وقوف الحاجّ بعرفة، ولكنّهم اختلفوا في تعيين أوّل وقت طواف الإفاضة على قولين، هما:
- أنّ وقت طواف الإفاضة يبدأ بعد منتصف ليلة النحر لمن سبق ووقف بعرفة، وإلى هذا القول ذهب الشافعيّة والحنابلة.
- أنّ وقت طواف الإفاضة يبدأ من طلوع الفجر الثاني ليوم النحر.
- آخر وقت طواف الإفاضة: يجوز للحاجّ تأخير طواف الإفاضة عن يوم النحر، وأداؤه في أيّام التشريق، وأمّا عن آخر وقتٍ لأداء طواف الإفاضة؛ فليس لآخره حدٌّ لأدائه فرضًا باتّفاق الفقهاء، إلّا أنّهم اختلفوا فيما يترتّب على من أخّره على أقوالٍ، هي:[٤]
- وجوب الدّم؛ أي ذبح هديٍ إذا أخّر الحاجّ طواف الإفاضة عن أيّام النحر، أمّا إن أدّاه في أيّام النحر فلا شيء عليه، وهو مذهب الحنفيّة.
- وجوب الدّم إذا أخّر الحاجّ أداء طواف الإفاضة عن شهر ذي الحجّة، أمّا إذا أدّاه في شهر ذي الحجّة فلا شيء عليه، وهو المشهور عند المالكيّة.
- لا شيء مطلقًا على الحاجّ إن أخّر طواف الإفاضة عند الشافعيّة والحنابلة.
شروط طواف الإفاضة
يُشترط للطواف بالبيت الحرام إجمالًا جملةٌ من الشروط كالإسلام، والعقل، والنيّة، والطهارة من الحدث، وستر العورة، وطهارة الثياب، ونحوها،[٧] وأمّا الشروط الخاصّة بطواف الإفاضة، فهي:[٤]
- أن يكون الطواف مسبوقًا بالإحرام؛ لتوقّف أيّ عملٍ من أعمال الحجّ على الإحرام.
- أن يقف الحاجّ قبل طواف الإفاضة بعرفة؛ فلو أدّى الحاجّ طواف الإفاضة قبل الوقوف بعرفة لم يسقط فرض طواف الإفاضة عنه.
- دخول الوقت المشروع للطواف -وقد سبق بيان وقته- فإذا أدّى الحاج الطواف قبل دخول وقته لم يصح.
كيفيّة طواف الإفاضة
بعد أن يلزم الحاجّ الشروط المطلوبة للطواف؛ فإنّ الطائف يأتي الكعبة فيجعلها عن يساره، ويبدأ الطواف من الحجر الأسود وينتهي إليه ويكرّر ذلك سبع مرّاتٍ؛ لأنّ الطواف سبعة أشواطٍ كاملةٍ، وعلى المسلم أن يقوم بها ماشيًا إن كان قادرًا على المشي، وأن يكون الطواف داخل المسجد الحرام؛ فلو طاف خارجه لم يجز، وحول الكعبة المشرّفة؛ بحيث لو طاف داخل صحن الكعبة لم يصحّ الطواف.[٧]
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية:97
- ^ أ ب ت الموسوعة الفقهية، "طواف الإفاضة"، درر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/11/2021. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 122. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 50-53. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية:29
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1757، صحيح.
- ^ أ ب "شروط الطواف وواجباته"، الإسلام سؤال وجواب، 06/12/2016، اطّلع عليه بتاريخ 22/11/2021. بتصرّف.