إنّ طواف الوداع واحدٌ من مناسك الحجّ وشعائره، وقد بيّن الفقهاء ما يتعلّق به من واجباتٍ وسننٍ ونحوها، وفيما يلي تفصيلٌ لطواف الوداع وما يتعلّق به.[١]


طواف الوداع

ما المقصود بطواف الوداع؟

هو من الشعائر الخاصّة بالحجّ، يؤدّى فيه دون العمرة، ويكون آخر أعمال الحجّ، وسُمّي بطواف الوداع؛ لأنّه توديعٌ لبيت الله الحرام، ويسمى أيضًا بطواف الصدر؛ لأنّه يؤدّى عند صدور -أي خروج- الناس من مكة، وهو سبعة أشواط، واختلف الفقهاء في حكمه على النحو الآتي:[٢][٣]

  • ذهب الحنفيّة والحنابلة والأظهر عند الشافعيّة إلى أنّ طواف الوداع واجبٌ، فإذا لم يقم به الحاجّ لزمه دمٌ، واستدلّوا على ذلك بأدلِّةٍ منها قول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "لا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حتَّى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبَيْتِ".[٤]
  • ذهب المالكيّة والشافعيّة في قولٍ عندهم وداود الظاهريّ إلى أنّ طواف الوداع سنَّةٌ وما ورد فيه من أحاديث محمولٌ على الندب والاستحباب، واستدلّوا ذلك بأنّه يسقط عن الحائض؛ فلو كان واجبًا لما جاز أن يسقط عن الحائض.


ما هي شروط طواف الوداع؟

إنّ لطواف الوداع شروطًا للوجوب وأخرى شروطٌ للصحة، وفيما يلي بيانها.

  • شروط وجوب طواف الوداع.[٥]
  • أن يكون من أهل الآفاق: يشترط أن يكون الحاجّ من أهل الآفاق؛ أي المدن والبلدان الأخرى غير مكّة المكرّمة؛ فلا يجب على أهل مكّة طواف الوداع، ولا على من نوى الإقامة بمكّة، وقد اتفق الفقهاء على هذا الشرط؛ ذلك لأنّ الطواف وجب توديعًا لبيت الله الحرام، وهذا المعنى لا يُوجد في أهل مكّة؛ لأنّهم في بلدهم، ولا يجب على من نوى الإقامة، لأنّ الوداع يكون من المُفارق، وليس من المقيم.
  • الطهارة من الحيض والنفاس: يُشترط الطهارة من الحيض والنفاس؛ فلا يجب طواف الوداع على المرأة الحائض والنفساء، ولا يجب عليهما دمٌ بتركه، أي ذبح الهدي، وقد اتّفق الفقهاء من المذاهب الفقهيّة الأربعة على هذا الشرط، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "أُمِرَ النَّاسُ أن يكون آخرُ عهدِهم بالبيتِ إلَّا أنَّه خُفِّفَ عن الحائِضِ"،[٦] أمّا في حال طهرت المرأة الحائض أو النفساءُ قبل مغادرة بُنيان مكّة؛ فيجب عليها الرجوع، أمّا إذا تجاوزت مكَّة فلا يجب عليها الرجوع، كما أنّها إذا طهرت قبل مفارقة البُنيان؛ ترجع وتغتسل وتودّع، لأنّها في حكم الإقامة، بدليل أنّها لا تستبيح الرخص، أمّا إن فارقت البنيان لم يجِب عليها الرجوع؛ لخروجها عن حكْمِ الحاضِرِ،ودليل ذلك ما روته أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "حاضَتْ صَفِيَّةُ بنتُ حُيَيٍّ بعد ما أفاضَتْ، قالت عائشةُ: فذَكَرْتُ حَيضَتَها لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أحابِسَتُنا هي؟ قالت: فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّها قد كانت أفاضَتْ وطافَتْ بالبيتِ، ثم حاضَتْ بعد الإفاضةِ. فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فلْتَنْفِرْ".[٧]
  • شروط صحة طواف الوداع: إنّ لتحقّق صحّة طواف الوداع شروطًا لا بدّ منها، وآتيًا بيانها:[١]
  • النية: لأنّ الطواف عبادةٌ، فلا بدّ له من النيّة.
  • أن يكون بعد طواف الزيارة: لو طاف بعد النفر من عرفات لا ينوي شيئًا، أو نوى تطوعًا أو نوى طواف الوداع، وقع عن طواف الزيارة أو الإفاضة لا عن الصدر؛ لأنّ الوقت له، وطواف الصدر مترتّبٌ عليه.


وقت طواف الوداع

وقت طواف الوداع بعد أن ينتهي الحاجّ من جميع أموره؛ ليكون آخر عهده بالبيت، ولا شيء على الحاجّ إذا انشغل بعد طواف الوداع بالتحضير للسفر وأموره.[٥]


هل يُجزئ طواف الإفاضة عن طواف الوداع؟

يجزئ طواف الإفاضة عن طواف الوداع، إذا أخّر الحاجّ طواف الإفاضة إلى وقت خروجه من مكّة، والحكمة من ذلك؛ أنّ طواف الوداع ليس مقصودًا لذاته، بل ليكون آخر عهده من البيت الطواف به، وقد حصل ذلك بطواف الإفاضة؛ فيكون مُجزئًا عن طواف الوداع.[٥]


المراجع

  1. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 207-208. بتصرّف.
  2. مجموعة مؤلفين، نتائج البحوث وخواتيم الكتب، صفحة 375. بتصرّف.
  3. عبد الله الطيار، الفقة الميسر، صفحة 87-88. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1327، صحيح.
  5. ^ أ ب ت "شروط طواف الودراع"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 25/11/2021. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1755.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4401، صحيح.