لماذا جبل عرفات من مناسك الحج؟

بدايةً ينبغي التنبيه إلى أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بيّن لأمته مناسك الحج وأحكامه، وطريقة أدائه بالتفصيل كما أوحى له الله -سبحانه وتعالى- به، فكانت هذه المناسك على الصورة التي تؤدى بها في يومنا هذا منذ زمن النبي الكريم، وحتى قيام الساعة؛ فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقول لأصحابه في حجّة الوداع: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه).[١][٢]


أمّا بالنسبة لسبب الوقوف على جبل عرفات تحديداً، واعتبار ذلك من أهم مناسك وأركان الحجّ؛ فهذا كلّه عائدٌ إلى حكمته -سبحانه- التي قد تخفى على عباده، فلا يمكن الجزم بشيء تجاه ذلك، واعتباره من باب الاختبار والامتحان للعباد؛ فيجب علينا الخضوع والتسليم لها، سواء علمنا الحكمة منها أو لم نعلم، مع اليقين التام أنّ كل ذلك يجري ضمن تقديره وحكمته -سبحانه-، وهذا شأن كثير من العبادات؛ كتحديد شهر رمضان -دون غيره من الشهور- لصيام الفريضة، وتحديد خمس صلوات في اليوم والليلة، ونحو ذلك من العبادات.[٣]


مع العلم أنّ عباداتٍ وتشريعاتٍ أخرى تظهر حكمة تشريعها بشكل جليّ إمّا بصريح النصوص، أو بالاهتداء إليها بالتفكّر والتدبّر؛ كالحدود مثلاً التي تُحفظ بها النفوس، والأموال، والأعراض، وكذلك الأمر في تشريع الصدقات والحثّ عليها، وتحديد مصارفها؛ التي يتحقق من خلالها معنى التكافل والتعاون، ونحو ذلك.[٣]


أسماء جبل عرفة

ذكر أهل العلم في الكتب والمؤلفات عدّة أسماء لجبل عرفة؛ يمكن ذكر بعضها فيما يأتي:[٤]

  • القُرين (بضمّ القاف مع التصغير).
  • إلال؛ على وزن هلال، وهو الاسم القديم لجبل عرفة.
  • النابت؛ لأنّ جبل عرفة يظهر كالنبتة في الأرض السهل، وهذا الاسم من المسمّيات القديمة للجبل.[٥]
  • عرفات؛ إذ رُوي أنّ إبراهيم الخليل كان يقول لجبريل -عليهما السلام- عندما أراه المناسك: "عرفت، عرفت"؛ فسمّي الجبل عرفات.[٦]


وقد اعترض بعض أهل العلم على تسميّة بعض معالم جبل عرفة؛ كتسميته بجبل الرحمة وجبل الدعاء؛ إذ إنّ رحمة الله -سبحانه- وعتقه من النار واسع شامل لا تختصّ بهذا الجبل المبارك دون غيره، وكذلك الأمر في الدعاء؛ إذ إنّ المواضع التي يُستجاب فيها الدعاء -ببركة الزمان والمكان- لا تقتصر على عرفات دون غيره.[٤]


المخالفات التي تقع في جبل عرفة

نبّه عدد من أهل العلم إلى بعض الأخطاء والمخالفات التي قد تقع من الحجّاج عند الصعود إلى جبل عرفة؛ على اعتبار أنّها مخالفة للصواب من جهة، ومن جهة أخرى أنّ أذى هذه المخالفات قد يتعدى الحاجّ نفسه إلى غيره من المسلمين، ومن ذلك ما يأتي:[٧]

  • الوقوف على جبل عرفة ساعة من الزمن؛ وذلك في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة؛ احتياطاً خشية الغلط في رؤية الهلال.
  • الخروج من جبل عرفة قبل الغروب.
  • النزول بالقرب من جبل عرفة، وعدم التثبت من الدخول ضمن حدوده.
  • إضاعة الوقت، وترك الدعاء والذكر في الموقف.
  • التزاحم الشديد للوصول إلى أعلى جبل عرفات؛ ظناً أنّ في ذلك فضلاً خاصاً.
  • الاعتقاد بوجوب حضور صلاة الجماعة مع الإمام في مسجد نمرة.
  • التبرك بالعمود المنصوب على جبل عرفة، اعتقاداً بأفضليته وبركته.
  • الصيام للحاجّ، مع المشقة على النفس بذلك.

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1297، صحيح.
  2. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 20، جزء 229. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 20072، جزء 11. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 328، جزء 16. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 510، جزء 97. بتصرّف.
  6. أبو جعفر ابن جرير الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 174، جزء 4. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، البدع والمخالفات في الحج، صفحة 49-51. بتصرّف.