طواف الزيارة

للطواف حول الكعبة المشرفة أنواع كثيرة؛ منها طواف الزيارة المعروف بطواف الإفاضة؛ والذي يكون في نُسُك الحجّ، بعد الوقوف بعرفة يوم الأضحى أو بعده، وهو ركن من أركان الحجّ،[١] ويُسمّى هذا الطواف بعدة أسماء كما أشرنا، ويمكن بيان السبب في هذه التسميات على النحو الآتي:[٢]

  • طواف الإفاضة؛ لأنّ الحجّاج يندفعون من منى إلى البيت الحرام، والإفاضة لغةً تعني: دفع الشيء إلى أن يتفرق،[٣] أمّا في اصطلاح الفقهاء؛ فتعني: الدّفع والرجوع من منى إلى مكة المكرمة، فكل دفعة هي إفاضة.[٤]
  • طواف الزيارة؛ لأنّ الحجّاج يزورون البيت الحرام، ثم يعودون بعد ذلك إلى منى.
  • طواف الركن؛ وذلك لأنّه ركن لا يتمّ الحجّ به.


حكم طواف الزيارة

أجمع الفقهاء على أنّ طواف الزيارة أو طواف الإفاضة ركن من أركان الحجّ؛ الذي لا يتحلل الحاجّ بدونها التحلل الأكبر، ولا ينوب عن هذا الطواف شيء، لذا يُطلق عليه بعض الفقهاء طواف الفرض والواجب؛ ويؤدي الحاجّ هذا الطواف بعد أن يفيض من عرفات، وبعد أن يبيت بمزدلفة، فإذا كان يوم العيد رمى الجمرات، ونحر، وحلق، ثم يأتي مكة المكرمة بعد ذلك لأداء هذا الطواف.[٥]


وقد ثبتت فرضية طواف الزيارة بصحيح النصوص من الكتاب العزيز والسنة النبويّة؛ ومن ذلك:[٦]

  • قوله -تعالى-: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)؛[٧] فقد أجمع الفقهاء أنّ الآية جاءت في طواف الإفاضة.
  • ما ثبت في السنة النبويّة أنّ أم المؤمنين صفية -رضي الله عنها- حجّت مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم حاضت في الحجّ؛ فلمّا علم النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (... أحَابِسَتُنَا هي؟ قالوا: إنَّهَا قدْ أفَاضَتْ قالَ: فلا إذًا)؛[٨] فقول النبي -صلى الله عليه وسلم- يدلّ على أنّ أم المؤمنين صفية -رضي الله عنها- كانت ستحبسهم في مكة المكرمة، حتى تطهر من حيضها، وتطف طواف الإفاضة؛ فلمّا علم أنّها قد حاضت بعد الطواف، قال بأنّها لن تحبسهم في مكة؛ إذ أدّت الركن الواجب الذي عليها للتحلل.


شروط طواف الزيارة

يُشترط في طواف الزيارة ما يُشترط في الطواف على وجه العموم، بالإضافة إلى عدد من الشروط الخاصة الواجب توافرها في هذا الطواف؛ من ذلك:[٩]

  • أن يكون مسبوقاً بالإحرام؛ وذلك لأنّ أعمال الحجّ جميعها يتوقف احتسابها على الإحرام.
  • أن يكون مسبوقاً بالوقوف بعرفة؛ فلو طاف الحاجّ قبل الوقوف بعرفة لم يسقط عنه، ولزمه الطواف بعد الوقوف.


وقد نقل أهل العلم إجماع الفقهاء في هذه الشروط؛ استناداً إلى الآية الكريمة الدالة على فرضيّة طواف الزيارة؛ إذ لا يمكن قضاء التفث والوفاء بالنذور قبل الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ثم بعد ذلك يكون طواف الزيارة.[٩]


مع ما ثبت في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، في صفة حجّة النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما انتهى من الوقوف بعرفة، وبات بمزدلفة؛ حيث قال: (... ثُمَّ رَكِبَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- فأفَاضَ إلى البَيْتِ، فَصَلَّى بمَكَّةَ الظُّهْرَ...).[١٠][٩]

المراجع

  1. عبد الله بن محمد البصيري، الحج والعمرة والزيارة، صفحة 289. بتصرّف.
  2. أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 4، جزء 21. بتصرّف.
  3. الواحدي، التفسير البسيط، صفحة 44، جزء 4. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 210، جزء 17. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 122، جزء 29. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 51، جزء 17. بتصرّف.
  7. سورة الحج، آية:29
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1757، صحيح.
  9. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 294، جزء 2. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.