ما هو يوم القرّ؟
هو اليوم الثاني من أيام التشريق، الذي يلي يوم النحر، أيّ اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجّة؛ ويليه يوم النفر الأول والثاني؛ فيكون ترتيب هذه الأيّام: يوم النحر -وهو يوم الحجّ الأكبر-، ويوم القرّ، ويوم النفر الأول، ويوم النفر الثاني.[١]
سبب تسمية يوم القرّ بهذا الاسم
سُمّي يوم القرّ بهذا الاسم؛ لأنّ حجّاج بيت الله الحرام يقرّون -يبقون- في منى بعد أداء الطواف والنحر، ولا يخرجون منها حتى يُتمّوا الجمار، فالقرّ عند العرب اليوم الذي لا رحيل فيه ولا نزول، بخلاف الأيام التي تسبقه، والأيام التي تليه، ويُسمّى هذا اليوم كذلك بيوم الرؤوس؛ لأنّ الحجّاج كانوا يأكلون اللحم يوم النحر، ويتركون رؤوس الأنعام ليأكلوها يوم القرّ؛ وقد ثبتت هذه التسميّات في السنّة النبويّة، بدلالة الأحاديث الآتية:[٢]
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ -تبارَكَ وتعالَى- يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ).[٣]
- ما صحّ عن سراء بنت نبهان -رضي الله عنها- أنّها قالت: (خطَبَنا النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يومَ الرُّؤوسِ، فقال: أيُّ يومٍ هذا؟ قُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: أليس أوسَطَ أيَّامِ التَّشريقِ؟).[٤]
فضل يوم القرّ
يعدّ يوم القرّ من أعظم الأيام عند الله -تعالى- كما أشرنا في الحديث السابق، كما يعدّ هذا اليوم أحد أيام التشريق؛ التي هي أيام عيد لأهل الإسلام، وأيام ذكر وشكر لله -تعالى-، ففي الحديث النبويّ صحّ أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ؛ عيدُنا أهلَ الإسلامِ، وهي أيَّامُ أكلٍ وشربٍ)،[٥][٦] وفي رواية أخرى: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وذكرٍ لله).[٧][٨]
ولا خلاف بين العلماء أنّ الأيام المعدودات التي أمر الله -تعالى- بذكره فيها؛ هي أيام التشريق، قال -سبحانه-: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ...)،[٩] فيُستحسن للمسلم الإكثار من الذكر والعمل الصالح في هذا اليوم؛ "والسّر في فضل العمل بأيام التشريق أنّها أيام غفلة، والعبادات في أوقات الغفلة فاضلة على غيرها".[١٠]
أعمال يوم القرّ
إنّ أعمال الحاجّ يوم القرّ تتلخص في المبيت بمنى؛ وهو واجب من واجبات الحجّ عند المالكيّة والشافعيّة، ومن تركه لزمه دم، وقال الحنفيّة هو سنّة ولا دم على تركه، أمّا الحنابلة فلهم في ذلك تفصيل؛ فالسنّة عندهم لمن أفاض يوم النحر أن يبيت في منى، وإن كان المبيت عندهم واجباً، ولكنّ لا يلزم الدم على تركه.[١١]
كما يرمي الحاجّ في هذا اليوم الجمرة الوسطى،[١٢] أمّا غير الحاجّ، فيُشرع له في هذا اليوم عدّة أعمال، منها:[١٣]
- ذبح الأضحية.
- زيارة الأقارب.
- إظهار البهجة والسرور.
- ذكر الله -تعالى- وإحياء سنّة التكبير المطلق؛ والذي يكون عقب الصلوات المفروضة.
- إدخال السرور على قلوب المسلمين.
- الاستمتاع بالمباهج والطعام والشراب، ونحو ذلك دون إسراف أو تقتير.
- الترفيه عن النفس بما لا حرمة فيه.
- إكرام الفقراء والمساكين؛ إمّا بتوزيع لحم الأضحيّة، أو بالتصدق بالمال.
المراجع
- ↑ عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 15، جزء 210. بتصرّف.
- ↑ ابن فرحون، برهان الدين، إرشاد السالك إلى أفعال المناسك، صفحة 649، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن قرط، الصفحة أو الرقم:1765، صححه الألباني.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن سراء بنت نبهان، الصفحة أو الرقم:1953، صححه ابن حزم وقال ابن كثير له شواهد.
- ↑ سليمان بن حمد العودة، شعاع من المحراب، صفحة 182، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:2419، صححه ابن حزم والألباني.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن نبيشة الخير الهذلي، الصفحة أو الرقم:1141، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 375-376، جزء 74. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:203
- ↑ حمزة قاسم، منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، صفحة 274، جزء 2.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 2265-2267، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 579. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 346-347، جزء 45. بتصرّف.