إنّ رمي الجمرات واجب من واجبات الحج التي يجب على الحاج فعله، فإن تركه ترتب عليه أداء الفدية، وهي الذبح، جاء في الحديث الصحيح الذي رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَرْمِي علَى رَاحِلَتِهِ يَومَ النَّحْرِ، ويقولُ: لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه)،[١] ويجب على الحاج أن يرمي الجمرات في أربعة أيام، وهي:

  • يوم النحر؛ فيرمي فيه الحاج جمرة العقبة بسبع حصيات.
  • أيام التشريق الثلاثة؛ فيرمي فيها الحاج في كل يوم؛ الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، الجمرات الثلاث؛ الصغرى ثم الوسطى ثم العقبة، كل واحدة بسبع حصيات.

وفي هذا المقال بيان وقت رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق.


ما وقت رمي الجمرات الثلاث أيام التشريق؟

يبدأ وقت رمي الجمرات الثلاث بعد الزوال في كل يوم من أيام التشريق الثلاثة؛ ووقت الزوال هو بعد الظهر؛ وهذا باتفاق جماهير أهل العلم، حيث جاء في الحديث الصحيح الذي يرويه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: (رَمَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الجَمْرَةَ يَومَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ)،[٢]فلا يصح الرمي قبل الزوال، ويستمر إلى غروب الشمس، وآتياً التفصيل في أقوال الفقهاء:[٣][٤]


قول الحنفية

قال الحنفية أنه ينتهي وقت الرمي في كل يوم عند الغروب، وقالوا بجواز تأخير الرمي إلى الليل قبل طلوع فجر اليوم التالي، ولا شيء عليه؛ فالليل عندهم وقت للرمي، فينتهي وقت رمي اليوم الأول بطلوع فجر اليوم الثاني، ورمي اليوم الثاني بطلوع فجر اليوم الثالث، ورمي اليوم الثالث بطلوع فجر اليوم الرابع، فإن أخّر رمي أي يوم من الأيام الثلاثة؛ أي بعد طلوع فجر اليوم التالي، وجب عليه قضاؤه، ولزمته الفدية، أي الذبح، وقال الإمام أبو حنيفة بجواز تقديم الرمي قبل الزوال في اليوم الثالث من أيام التشريق، إلا أن المستحب أن يرمي بعد الزوال.[٣]


قول المالكية

قال المالكية كالحنفية أن وقت الرمي ينتهي بنهاية كل يوم، عند الغروب، وأما إن أخر اليوم إلى الليل اعتبر قضاء عندهم، لانتهاء وقت الأداء وهو النهار، ويلزمه فدية واحدة إذا أخّر حصاة فأكثر.[٤]


قول الشافعية والحنابلة

قال الشافعية والحنابلة أن الرمي من الزوال إلى الغروب كل يوم، إلا أن آخر وقت للرمي ينتهي بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق؛ لأن أيام التشريق وقت للرمي، فإذا أخر رمي اليوم الأول جاز له أن يفعله في اليوم الثاني، وكذا إذا أخّر رمي اليوم الأول والثاني جاز له أن يتدارك رمي اليومين في اليوم الثالث، ولا شيء عليه، ويشترط الترتيب إن أخّر الرمي، فيكون رمي اليوم أولاً ثم رمي اليوم الثاني، فإن لم يدرك الرمي حتى غروب شمس اليوم الثالث، فقد فاته وعليه الفدية.[٥]


التعجيل في الرمي

يجوز للحاج أن يتعجل في الرمي، لينفر من منى إلى مكة المكرمة، فيترك رمي اليوم الثالث، وهو ما يسمى بالنفر الأول، فقال -تعالى-: (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ)،[٦] ووقت التعجل عند الجمهور قبل غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق، وقال الحنفية أنه عليه الخروج من منى قبل طلوع فجر اليوم الثالث، فإن غابت الشمس عند الجمهور أو طلع الفجر عند الحنفية قبل أن ينفر وجب عليه المبيت في منى ورمي اليوم الثالث، ولم يجز التعجل، وقال الفقهاء بأفضلية عدم التعجل والرمي في الأيام الثلاثة واستيفائه فيها، ثم ينفر بعدها، وهو ما يسمى بالنفر الثاني، فقال -تعالى-: (وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ).[٧][٦]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1297، حديث صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1299، حديث صحيح.
  3. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2255-2256. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 157-160. بتصرّف.
  5. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 72. بتصرّف.
  6. ^ أ ب سورة البقرة، آية:203
  7. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2256-2257. بتصرّف.