تحلل الحاج
من المعروف أنّ الإنسان المسلم إذا دخل في الإحرام لأداء مناسك الحجّ؛ حُرّمت عليه العديد من الأمور التي تُسمّى: محظورات الإحرام؛ والتي لا تحلّ للمُحرم إلا بعد أن يصير حلالاً، ويدع الإحرام، ويترك أسباب التلبّس بالحجّ أو بالعمرة، ويصير كل ما كان مُحرّماً ممنوعاً مباحاً حلالاً.[١]
ولقد بيّن العلماء أنّ للحاجّ تحللين اثنين: التحلل الأول، والتحلل الثاني، وبعض العلماء يسميهما: التحلل الأصغر، والتحلل الأكبر؛ ولكلٍ منهما وقت محدد، وشروط وضوابط محددة، يمكن بيانها على النحو الآتي:
التحلل الأول (الأصغر)
يحصل التحلل الأول بفعل أمرين من ثلاثة؛ وهي: رمي جمرة العقبة، والنحر، والحلق أو التقصير؛ وعلى هذا مذهب الشافعيّة، والحنابلة، أمّا عند الحنفيّة، فيكون التحلل الأصغر برمي الجمرة، والحلق أو التقصير، مع الترتيب بين هذه الأعمال،[٢] وهذا التحلل يكون في يوم النحر، وقبل طواف الإفاضة.[٣]
ويلزم من هذا التحلل إباحة جميع المحظورات إلا النساء بالإجماع بين الفقهاء، وقد استثنى بعض الفقهاء الطيب من الإباحة بعد التحلل الأول مع النساء، كما استثنى المالكيّة الصيد من الإباحة؛[٢] وفيما يأتي بعض الأدلة التي استند إليها كل قول من الأقوال السابقة:
- ما ورد في إباحة كل المحظورات باستثناء النساء
ما صحّ عن أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها-، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ هذا يومٌ رُخِّصَ لكم إذا أنتُم رَمَيْتُمُ الجَمرةَ أنْ تَحِلُّوا مِن كلِّ ما حُرِّمتُم مِنه إلَّا النِّساءَ...)،[٤] وما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (طَيَّبْتُ رَسولَ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بيَدَيَّ هَاتَيْنِ حِينَ أحْرَمَ، ولِحِلِّهِ حِينَ أحَلَّ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ. وبَسَطَتْ يَدَيْهَا).[٥][١]
- ما ورد في إباحة كل المحظورات باستثناء الطيب مع النساء
ما صحّ في الحديث: (... فإذا رمى الجمرةَ الكُبرى حلَّ لَهُ كلُّ شيءٍ حُرِّمَ عليهِ إلَّا النِّساءَ والطِّيبَ حتَّى يزورَ البَيتَ)،[٦] وهو مذهب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وما رجّحه بعض أهل العلم كما أشرنا.[٧]
التحلل الثاني (الأكبر)
يتحلل الحاج التحلل الأكبر من الحجّ إذا طاف طواف الإفاضة، واشترط الحنفيّة والمالكيّة أن يكون الحاجّ قد حلق أو قصّر؛ فإذا طاف دون ذلك لم يصحّ تحلله حتى يحلق، كما زاد المالكيّة أن يكون طواف الإفاضة مسبوقاً بالسعيّ، ويبدأ وقت هذا التحلل عند الحنفيّة والمالكيّة من طلوع فجر يوم النّحر، ونهايته بانتهاء الطواف؛ فهو لا يفوت عندهم، أمّا عند الشافعيّة والحنابلة، فيبدأ وقت التحلل الأكبر عندهم من منتصف ليلة النّحر، وينتهي بانتهاء أعمال التحلل كلّها.[٨]
ويُباح في هذا التحلل كل المحظورات دون استثناء؛ فقد انتهى تلبّس الحاجّ بمناسك الحجّ، وصار حلالاً منه، ومن الجدير بالذكر أنّ التحلل الأكبر يحصل باستكمال الأفعال الثلاثة: من رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة؛ وهذا باتفاق بين الفقهاء.[٨]
المراجع
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 298، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 248، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها العبادات في الإسلام، صفحة 3087، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أم المؤمنين أم سلمة، الصفحة أو الرقم:1999، صححه الألباني.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1754، صحيح.
- ↑ رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم:426، أخرجه في صحيحه.
- ↑ سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها العبادات في الإسلام، صفحة 3095، جزء 7. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 249، جزء 10. بتصرّف.