محظورات الإحرام

محظورات الإحرام هي مجموعة من الأمور التي يُمنع المحرم من فعلها، سواء كان رجلاً أو امرأة، ويجب عليه اجتنابها؛ وذلك بسبب دخوله في نسك الحج والعمرة؛[١] امتثالاً بأوامر الله عزّ وجل وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتذكيراً له بعظمة العبادة التي أقدم عليها، وتربية له على التقشف والفقر، بعيداً عن حياة الترف والغنى وملذات الحياة، وتعظيماً لله تعالى وما شرعه من عبادات، مما يؤدي ذلك إلى تقوية إيمانه وزيادة ثقته بالله.[٢]


كم عدد محظورات الإحرام بالحج؟

محظورات الإحرام تسعة، بيانها كما يلي:[٣][٤][٥]


إزالة الشعر

يحرم على المحرم إزالة شعره من جميع أجزاء بدنه، فلا يجوز أن يزيل شعر رأسه، أو شعر أي جزء من بدنه، سواء كانت الإزالة عن طريق الحلق، أو النتف، أو القصّ، وقد جاء الأمر بحرمة حلق شعر الرأس، وقاس الفقهاء على شعر الرأس جميع شعر البدن، حيث قال تعالى: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)،[٦] إلا إن كان به مرض واضطر إلى إزالته جاز له ذلك، ولا يترتب عليه الإثم، ويلزمه الفدية.


تقليم الأظافر

يحرم على المحرم تقليم أظافره، سواء أظافر يديه أو رجليه، فإن انكسر ظفره من دون قصد، وتأذى منه، جاز له إزالته، ولا شيء عليه.


وضع الطيب

يحرم على المحرم وضع الطيب على بدنه وثوبه، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يوضع الطيب على الرجل الذي مات وهو محرم، فجاء في الحديث الصحيح: (أنَّ رَجُلًا كانَ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُحْرِمًا، فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ، وَلَا تَمَسُّوهُ بطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّدًا).[٧]


قتل الصيد

الصيد هو كل حيوان بري يحلّ أكله، كالأرانب والحمام ونحوه، فيحرم على المحرم اصطياد هذا النوع من الحيوان، أو أن يقتله، أو أن يكون سبباً في قتله، كالإشارة عليه أو الإعانة في قتله، أما الحيوان البحري فلا يحرم، قال تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا).[٨]


عقد النكاح

يحرم على المحرم الزواج لنفسه أو لغيره عن طريق التوكيل، ويعد العقد في هذه الحالة باطلاً غير صحيح، دلّ على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ المُحْرِمَ لا يَنْكِحُ، وَلَا يُنْكَحُ).[٩]


الجماع ودواعيه

يحرم على المحرم أن يجامع زوجته، أو أن يباشرها باللمس أو التقبيل بشهوة، وغير ذلك من مقدمات الجماع، سواء في الليل والنهار، حيث قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)،[١٠] والرفث هو الجماع، ويعتبر الجماع أشد المحظورات، ويترتب على ارتكابه عدة أمور، فإن ارتكبه قبل التحلل الأول؛ فقد فسد حجه، ويترتب عليه الإثم والقضاء، ويلزمه الاستمرار، وعليه ذبح بدنة يوزعها على فقراء مكة، وإن ارتكبه بعد التحلل الأول؛ فحجه صحيح، وعليه ذبح شاة يوزعها على فقراء مكة، والتحلل الأول يحصل بفعل اثنين من هذه الثلاثة؛ رمي جمرة العقبة، الحلق أو التقصير، طواف الإفاضة.


تغطية الرأس للرجل

وهذا المحظور يختص بالرجال دون النساء، حيث يحرم على الرجل المحرم أن يقوم بتغطية رأسه كله أو بعضه، إلا لعذر، كالطاقية أو العمامة، وملاصقة أي شيء يغطي رأسه، أما إن استظل بمظلة، أو شجرة، أو جدار، ونحوه، من غير ملامسة الرأس جاز له ذلك، دلّ على ذلك ما جاء في الحديث الصحيح: (حَجَجْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حَجَّةَ الوَدَاعِ، فَرَأَيْتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، وَانْصَرَفَ وَهو علَى رَاحِلَتِهِ وَمعهُ بلَالٌ وَأُسَامَةُ؛ أَحَدُهُما يَقُودُ به رَاحِلَتَهُ، وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ علَى رَأْسِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الشَّمْسِ).[١١]


لبس المخيط للرجل

ويحرم على الرجل المحرم أيضاً أن يلبس المخيط؛ وهو كل لباسٍ فُصّل لستر البدن؛ كله أو بعضه، بحيث يحيط به، سواء كان بخياطة أو لا، كالقميص، والسراويل، والخفيْن، والجوارب، والقفازات، حيث جاء في الحديث الصحيح: (أنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقالَ: لا يَلْبَسُ القَمِيصَ، ولَا العِمَامَةَ، ولَا السَّرَاوِيلَ، ولَا البُرْنُسَ...)،[١٢] والذي يحرم على المحرم في اللباس المعتاد المصنوع على قدر الأعضاء وما فصّل عليهما، فلو وضع القميص مثلاً على بطنه لتغطيته جاز له ذلك.


تغطية الوجه والكفيْن للمرأة

يحرم على المرأة المحرمة أن تغطي وجهها بالنقاب وتستر كفيْها بالقفازين؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)،[١٣] إلا أنه إن احتاجت إلى ستر وجهها بسبب مرور الرجال الأجانب، فإنه يجوز لها أن تسدل ثوباً من فوق رأسها على وجهها.


المراجع

  1. "تمهيدٌ: في تعريفِ المحظوراتِ، والفِدْيةِ، وأنواعِهما"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2022. بتصرّف.
  2. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 38. بتصرّف.
  3. "محظورات الإحرام"، الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2022. بتصرّف.
  4. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 38-40. بتصرّف.
  5. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 253-272. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية:196
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1206، صحيح.
  8. سورة المائدة، آية:96
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:1409، صحيح.
  10. سورة البقرة، آية:197
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم الحصين الأحمسية، الصفحة أو الرقم:1298، صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:134، صحيح.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1838، صحيح.