ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز النيابة في الحج، سواء كان الحج فرضاً أو نافلة، بحيث يؤدي النائب عبادة الحج عن الأصيل، سواء كان الأصيل ميتاً أو حياً عاجزاً لا يقدر على أداء الحج،[١] وقد وضع الفقهاء مجموعة من الشروط التي يجب أن تتحقق في النائب حتى تصحّ نيابته في الحج وتقبل، وفيما يلي بيان هذه الشروط.


شروط من تصحّ نيابته في الحج

فيما يلي بيان أبرز الشروط التي لا بدّ من توفّرها في النائب:[٢][٣]


الإسلام

اتفق الفقهاء على أنه يشترط في النائب أن يكون مسلماً، حتى تصحّ نيابته، وهذا الشرط لجميع العبادات، فالكافر ليس أهلاً لأداء العبادة، ولا تصحّ منه.


التكليف

اتفق الفقهاء على أنه يشترط في النائب أن يكون بالغاً عاقلاً، حتى تصحّ نيابته، وذلك لأن العقل والبلوغ شرطان لتكليف الإنسان بالأوامر الشرعية، كعبادة الحج، وعليه فإن نيابة المجنون الذي فقد عقله أو الصغير الذي لم يصل إلى سنّ البلوغ لا تصح ولا تقبل، وقد أجاز الحنفية نيابة الصغير بشرط أن يكون مميزاً.


أداء حج الفريضة عن نفسه

اشترط الشافعية والحنابلة لصحة النيابة أن يكون النائب قد أدى حجة الإسلام عن نفسه أولاً، قبل أن يؤدي الحج عن غيره، فإن فعل ذلك اعتبرت الحجة عن نفسه، ولم تجزئ عن الأصيل، استدلالاً بالحديث الصحيح: (أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سمعَ رجلاً يقولُ: لبَّيْكَ عن شبرمة. قالَ: من شبرمةَ؟ قالَ: أخٌ لي أو قريبٌ لي. قالَ: حججتَ عن نفسِكَ؟ قالَ: لا. قالَ: حجَّ عن نفسِكَ ثمَّ حجَّ عن شبرمةَ[٤]خلافاً للحنفية والمالكية الذين أجازوا ذلك مع الكراهة، واستدلوا بإطلاق الحديث الآتي، وهو: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِن خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ في الحَجِّ أدْرَكَتْ أبِي شيخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَوِيَ علَى الرَّاحِلَةِ فَهلْ يَقْضِي عنْه أنْ أحُجَّ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ)،[٥] فلم يقم النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال هذه المرأة عن حجها لنفسها قبل ذلك.


نيابة المرأة في الحج

اتفق جمهور الفقهاء على مشروعية نيابة المرأة في الحج، فهي كالرجل، سواء كانت النيابة في حج الفرض أو في حج النفل، واستدلوا على ذلك بحديث المرأة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستفتيه في أن تحجّ عن أبيها العاجز الذي لا يقدر على أداء الحج، فأذن لها النبي أن تحجّ عنه، فجاء في الحديث: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِن خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ في الحَجِّ أدْرَكَتْ أبِي شيخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَوِيَ علَى الرَّاحِلَةِ فَهلْ يَقْضِي عنْه أنْ أحُجَّ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ).[٥][٦]


جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِن خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ في الحَجِّ أدْرَكَتْ أبِي شيخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَوِيَ علَى الرَّاحِلَةِ فَهلْ يَقْضِي عنْه أنْ أحُجَّ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ


المراجع

  1. "حكم الإنابة والاستئجار في الحج"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2110-2111. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 74-75. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1811، صحيح.
  5. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1854، صحيح.
  6. "الفصل الخامس: ما يُشتَرَط في النَّائِبِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.