شروط وجوب الحج والعمرة

شروط الوجوب هي: الأمور التي يتوقّف عليها وجوب الحجّ أو العُمرة على المسلم، أي أنّها إن توفّرت جميعاً وجب على المسلم أداها وإن اختلّ أحدها فلا يجب الحجّ على المسلم وكذلك لا تجب العُمرة عليه، فلا بدّ من تحقّقها كلّها وعدم اختلال أي منها، وفيما يأتي تفصيلها وبيانها:[١]


الإسلام

لا يجب الحجّ وكذلك لا تجب العُمرة إلّا على المسلم، لأنّهما من العبادات التي يتقرّب فيهما العبد من ربّه -عزّ وجلّ-، ويُضاف أنّ الحجّ ركنٌ من أركان الإسلام، ولذلك فلا يجب إلّا على المسلم.[٢]


العقل

المسلم العاقل هو المخاطب بتكاليف وتعاليم الإسلام، فالعقل شرطٌ للتكليف، ولذلك فغير العاقل ليس مخاطباً بتكاليف الإسلام ولا يجب عليه شيءٌ منها، وإن أدّاها فلا تصحّ منه بإجماع أهل العلم، لأنّه ليس أهلاً للعبادة ولا يعقل شيءٌ منها، وإن حجّ فاقد العقل أو اعتمر فيُحكم على حجّه أو عُرته بالبطلان، أمّا إن أفاق وعاد إلى رُشده فتصحّ منه العبادات ومنها الحجّ والعُمرة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ المجنونِ المغلوبِ على عقلِهِ حتَّى يُفيقَ، وعنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ).[٣][٢]


البلوغ

البلوغ شرطٌ لوجوب الحجّ والعُمرة على المسلم، فالصبي لا يجب عليه شيءٌ منهما إلى أن يبلغ ولا يكلّف بشيءٍ من تكاليف الإسلام، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، أَلِهذا حَجٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ)،[٤] وإنّ حجّ الصبي أو اعتمر يُحكم على حجّه أو عمرته بالصحّة، ويجب عليه إعادة الحجّ عن بلوغه كما أجمع على ذلك العلماء، استدلالاً بما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (إذا حجَّ الصَّبيُّ فهي له حجَّةٌ حتَّى يعقلَ، فإذا عقلَ فعليه حجَّةٌ أخرَى، وإذا حجَّ الأعرابيُّ فهي له حجَّةٌ، فإذا هاجرَ فعَلَيهِ حجَّةٌ أُخرَى).[٥][٦]


الحرية

لا يجب الحجّ إلّا على المسلم الحرّ وكذلك العُمرة.[٧]


الاستطاعة

الاستطاعة والقدرة على الحجّ شرطٌ من شروط وجوبه، قال الله -تعالى-: (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)،[٨] فالله -سبحانه- خصّ المستطيع والقادر بالخطاب والأمر بالحجّ إلى بيت الله الحرام، ولا بدّ من تحقّق مجموعةٍ من الشروط في الاستطاعة منها ما هو متعلّقٌ بالرجال والنساء، ومنها الخاصّ بالنساء وحدهنّ، والشروط هي:[٩][١٠]

  • أن يملك الحاجّ أو المعتمر ما يكفيه في حجّته أو عمرته حتى يعود، ويشمل ذلك الزاد من الطعام الشراب والنفقة على نفسه وعلى مَن تلزمه النفقة عليهم من الأهل والزوجة، ويُضاف إلى ما سبق الراحلة إن كان الحاجّ أو المُعتمر ليس من أهل مكة، وتجدر الإشارة إلى أنّ مَن أراد الحجّ أو العمرة وكانت عليه بعض الديون وجب عليه أولاً سداد ديونه، ثمّ النظر في حاله إن كان قادراً على الحجّ أو العمرة أم لا.
  • أن يأمن الحاج أو المعتمر على النفس والمال في سفره، أي أن يأمن طريق الذهاب والإياب.
  • وجود المُحرم للمرأة، وقد اختلف العلماء في حكم وجود المُحرم للمرأة واشتراطه في سفرها، وفيما يأتي بيان خلافهم:
  • الحنفية والحنابلة: قالوا إنّ وجود المُحرم للمرأة شرطٌ لوجوب الحجّ أو العُمرة عليها، فإن لم يتوفّر المُحرم فلا تسافر، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ، ولَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا ومعهَا مَحْرَمٌ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أنْ أخْرُجَ في جَيْشِ كَذَا وكَذَا، وامْرَأَتي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقالَ: اخْرُجْ معهَا).[١١]
  • المالكية والشافعية: لم يشترطوا وجود مُحرمٍ للمرأة في سفرها، فقال الشافعية بجواز أداء المرأة حجّة الإسلام أو حجّ النَّذر دون محرمٍ إن سافرت مع اثنتين او أكثر من النساء اللاتي تأمّن معهن على نفسها، وأضافوا بجواز حجّها حجّة الإسلام وحجّة النَّذر لوحدها إن أمنت على نفسها، وقد نصّوا على: "الأَْصَحُّ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ وُجُودُ مَحْرَمٍ لإِِحْدَاهُنَّ، لأَِنَّ الأَْطْمَاعَ تَنْقَطِعُ بِجَمَاعَتِهِنَّ. فَإِنْ وَجَدَتِ امْرَأَةً وَاحِدَةً ثِقَةً فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ، لَكِنْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَحُجَّ مَعَهَا حَجَّةَ الْفَرِيضَةِ أَوِ النَّذْرِ، بَل يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ وَحْدَهَا لأَِدَاءِ الْفَرْضِ أَوِ النَّذْرِ إِذَا أَمِنَتْ"، وقال المالكية بجواز سفر المرأة لأداء حجّ الفرض وحجّ النَّذر مع الرفقة المأمونة من النساء أو الرجال الصالحين بشرط أمان الطريق أيضاً، أمّا حجّ النفل فلا يجوز فيه للمرأة السفر دون محرمٍ.


المراجع

  1. فريق الموقع، "معنى شروط الصحة وشروط الوجوب"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/3/2022. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 27-36. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4401، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1336، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح ابن خزيمة، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3050، إسناده صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 27-36.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 27-36.
  8. سورة آل عمران، آية:97
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 27-36.
  10. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 225-227. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1862، صحيح.