الحج المبرور

يُقصد بالحج المبرور هو الحج المقبول الذي لا يخالطه شيءٌ من الإثم؛ فلا رياء فيه ولا سمعة، حيث يكون خالصاً لله تعالى، وقد كمُلت أحكامه، فيكون قد وقع من صاحبه على الوجه الأكمل،[١] وقيل أن الحج المبرور هو الذي يكون حال صاحبه بعده أفضل مما كان عليه قبله،[٢] وقد أجاب الإمام الحسن البصري -رحمه الله- عندما سُئل عن الحج المبرور، فقال: "أن يرجع زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة".[٣]


شروط وصفات الحج المبرور

يتبيّن من تعريف الحج المبرور أنه لا بدّ من توفر وتحقق شروطٍ وصفاتٍ معينة في الحج، ليكون الحج مبروراً؛ سواء كانت هذه الشروط في الحج أو في الحاج نفسه، وبيان هذه الشروط كما يلي:[٤][٥]


الإخلاص

فيجب على الحاج أن يُخلص نية حجه لوجه الله تعالى، ويقصد عبادة الحج لله وحده سبحانه وتعالى، فلا يشرك فيها شيئاً، كالتفاخر والرياء والشهرة، فالإخلاص في النية شرط لقبول العبادة وصحتها، فإن من لا يُخلص النية في الحج لا ينفعه عمله ولا يجزئه حجه، ولا يكون حجّه مبروراً.


متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم-

فيجب على الحاج حتى يكون حجه مبروراً ومقبولاُ عند الله عزّ وجلّ، أن يؤدي عبادة الحج وفق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به، فيقتدي به ويتابعه في جميع أعمال الحج ومناسكه، فيأخذ أركان الحج وواجباته، وسننه وآدابه، من هديه صلى الله عليه وسلم الذي فصّل ما أجمله القرآن الكريم، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَرْمِي علَى رَاحِلَتِهِ يَومَ النَّحْرِ، ويقولُ: لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه).[٦]


نفقة الحج بمال حلال

فيجب أن تكون نفقات الحج من مالٍ حلالٍ طيبٍ، حتى يكون الحج مبروراً، فالله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، فإن أدى الحج بمال حرامٍ أو فيه شبهة حرام لا يعدّ الحج مبروراً، وذهب جمهور أهل العلم إلى صحة الحج إن كان بمال حرام، مع ترتب الإثم.[٧]


عدم ارتكاب مخالفات شرعية

فالحج المبرور هو الذي لا يرتكب فيه صاحبه معصية أو إثم، ومن ذلك قول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)،[٨]فالرفث: هو الجماع وما دونه من تقبيلٍ، ولمسٍ، وقولٍ فاحشٍ، والفسوق: هو المعصية، ويدخل فيه جميع المعاصي، كالكذب، والنميمة، والغيبة، والشتم، والاستهزاء، والسخرية، وما يحرم على المحرم فعله من محظورات؛ كالتطيب، وقصّ الشعر، وتقليم الأظافر، وغير ذلك، والجدال: هو النقاش والمراء الذي يؤدي إلى المخاصمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن حَجَّ هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ).[٩]


المراجع

  1. صالح الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 407. بتصرّف.
  2. عبد الكريم الخضير، شرح كتاب الحج من صحيح مسلم، صفحة 17. بتصرّف.
  3. ابن الجوزي، مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن، صفحة 91. بتصرّف.
  4. عبد الله بن مانع الروقي، شرح كتاب الحج من بلوغ المرام، صفحة 15. بتصرّف.
  5. عبد الرحمن السديس، دروس للشيخ عبد الرحمن السديس، صفحة 4-6. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر ين عبد الله، الصفحة أو الرقم:1297، صحيح.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 52. بتصرّف.
  8. سورة البقرة، آية:197
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1820، صحيح.