حكم طواف الوداع للحائض
رخصّ النبي -صلى الله عليه وسلم- للحائض والنفساء اللتين طافتا طواف الإفاضة -طواف الفرض والركن- أن يباشرا بسفرهما، وأن يغادرا البيت الحرام دون أداء طواف الوداع، فلا يلزم الحائض أو النفساء البقاء في مكة المكرمة إلى حين انتهاء الحيض أو النفاس، وتحقيق الطهارة؛ لأداء هذا الطواف.[١]
وذلك بدلالة ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة، أنّ أم المؤمنين صفيّة -رضي الله عنهما- حاضت في الحجّ بعد أن طافت طواف الإفاضة، فلمّا علم النبي -صلى الله عليه وسلم- بحيضتها سأل إن كانت ستحبس القوم لانتظارها حتى تطهر؛ ظنّاً منه أنّها لم تطف طواف الإفاضة، فلمّا أخبرته عائشة أنّ صفيّة -رضي الله عنهما- أدّت طواف الفرض أمرها النبي الكريم أن تنفر وتخرج دون تأدية طواف الوداع.[١]
وفي الصحيح تقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنّ صَفِيَّةَ بنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حَاضَتْ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أحَابِسَتُنَا هي فَقُلتُ: إنَّهَا قدْ أفَاضَتْ يا رَسولَ اللَّهِ وطَافَتْ بالبَيْتِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَلْتَنْفِرْ).[٢][٣]
ما يترتب على ترك الحائض لطواف الوداع
اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أنّ الحائض والنفساء إذا تركتا طواف الوداع بسبب عدم تحقق طهارتهما؛ لم يلزمهما شيء على هذا الترك، ولا تجب عليهما الفديّة؛ استدلالاً بما ثبت من حديث حيضة أم المؤمنين صفيّة -رضي الله عنها- الذي أشرنا إليه.[٣]
والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أمرها بالنّفر فقط، دون أن يطلب منها فديّة أو دماً، إضافةً إلى حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- حيث قال عن طواف الوداع: (أُمِرَ النَّاسُ أنْ يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبَيْتِ، إلَّا أنَّه خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ).[٤][٣]
طهارة الحائض قبل مفارقة البنيان
تعددت أقوال أهل العلم في مسألة الحائض التي نفرت من البيت الحرام قبل أن تطهر، ودون أن تؤدي طواف الوداع، ثم تحققت طهارتها قبل مفارقة مكة المكرمة، فهل يلزمها الرجوع لأداء طواف الوداع أم أنّها تكمل سفرها؟ وفيما يأتي بيان آرائهم:[٥]
- يلزمها العودة لأداء طواف الوداع إن لم تبلغ مسافة القصر -قصر الصلاة-؛ وهو ما قال به الحنفيّة والشافعيّة في أحد أقوالهم، على اعتبار أنّ عذر الحائض الذي تركت به طواف الوداع قد زال، لذا وجب عليها العودة، لكن إن كانت قد بلغت مسافة القصر لم يلزمها العودة.
- يلزمها العودة لأداء طواف الوداع ما لم تُفارق الحرم؛ وهو أحد أقوال الشافعيّة.
- يلزمها العودة لأداء طواف الوداع ما لم تُفارق بنيان مكة المكرمة؛ وهو قول الحنابلة، والصحيح من أقوال الشافعيّة، على اعتبار أنّ الحائض التي لم تفارق البنيان هي في حكم المقيمة، وليست في حكم المسافرة التي يجوز لها أن تستبيح السفر.
- رجّح بعض أهل العلم أنّ الحائض إذا بدأت تترخص بأحكام السفر لم يجب عليها الرجوع.
المراجع
- ^ أ ب أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 20، جزء 25. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4401، صحيح.
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 318، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1755 ، صحيح.
- ↑ دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 339-340، جزء 7. بتصرّف.