التعجل في الحج

يُقصد بالتعجّل في الحجّ؛ أن يخرج الحاجّ من حدود منى قبل غروب شمس يوم الثاني عشر من شهر ذي الحجّة، وذلك بعد رمي الجمرات؛ فإن غابت الشمس، وقد خرج الحاجّ من حدود منى كان بذلك متعجّلاً، ويلزم من العجلة أن يأخذ الحاجّ بأسباب التعجّل؛ فالقرآن الكريم ذكر التعجّل بصيغة تدل على الحزم، وأخذ الحيطة في الأمر؛ قال -سبحانه وتعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ...).[١][٢]


وقد ثبت أيضاً في السنة النبويّة ذكر مشروعيّة التعجّل؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (... الحجُّ عرفةُ، مَن جاءَ ليلةَ جمعٍ قبلَ صلاةِ الصُّبحِ؛ فقد أدرَكَ حجة، أيَّامُ منًى ثلاثةُ أيَّامٍ؛ مَن تعجَّلَ في يومينِ فلا إثمَ عليهِ، ومَن تأخَّرَ فلا عليهِ...)،[٣] كما نقل ابن قدامة والماوردي إجماع الفقهاء على جواز التعجّل في الحجّ.[٤]


التأخر بالخروج من منى

إذا تأخر الحاجّ عن الخروج من حدود منى -ولو كان مرتحلاً-، إلى أن غربت عليه شمس اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة؛ فإنّه بهذا التأخر:

  • يُعدّ ملزماً بالمبيت بمنى في الليلة الأخيرة، مع رمي جمرات اليوم المتبقي؛ وهو قول جمهور الفقهاء والمنصوص عليه عند أكثر الأئمة من أهل العلم؛ وذلك لأنّ تعجّله هذا لم يكن حقيقة إنّما كان تعجلاً بشكل صوريّ؛ والفرق بينهما يكون بأخذ الأسباب، والخروج قبل مغيب شمس اليوم الثاني عشر.[٢]
  • لا يُعدّ ملزماً بالمبيت إلا إذا لم يُجاوز حدود منى قبل ظهور فجر اليوم الثالث عشر من ذي الحجّة؛ فإن تأخر بعد ظهور الفجر ألزمه المبيت؛ وعلى هذا رأي الحنفيّة.[٥]


وقال بعض أهل العلم إنّ التعجّل الحقيقي ينبغي أن يكون مع التقوى؛ كما نصّت على ذلك الآية الكريمة السابقة؛ أيّ أن لا يكون التعجّل من أجل السآمة والهروب من تكاليف ومشقة مناسك الحجّ. وينبغي التنبيه إلى أنّ ما يقع فيه بعض الناس؛ من التحايل بالخروج من منى قبل المغيب؛ ثم العودة إليها مرة أخرى بعد المغيب؛ لحمل المتاع والرحال، عمل غير جائز؛ ولا يتحقق فيه التعجّل؛ ويلزم على من وقع فيه ما يلزم الحاجّ غير المتعجّل؛ من المبيت والرمي؛ إعمالاً للأصل.[٢]


ما يترتب على التعجّل في الحجّ

إذا تعجّل الحاج في الخروج من منى يوم النفر الأول؛ الذي يوافق اليوم الثاني من أيام التشريق، واليوم الثالث من أيام النحر؛ وهو ذاته اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة؛ فإنّه ترتب عليه بهذا التعجّل ما يأتي:[٦]

  • رمي الجمار الثلاث في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة قبل مغادرة منى.
  • سقوط رمي الجمرات في اليوم الثالث من أيام التشريق.
  • سقوط المبيت بمنى في الليلة الأخيرة من ليالي التشريق.

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:203
  2. ^ أ ب ت محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 19، جزء 125. بتصرّف.
  3. رواه النسائي، في السنن الكبرى، عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم:3044، صححه الألباني.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 302، جزء 2. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 26، جزء 41. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 26، جزء 41. بتصرّف.