شرط الاستطاعة في الحج

قرن الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز بين وجوب الحجّ والاستطاعة؛ فقال -سبحانه-: (... وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا...)،[١] حيث ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ فريضة الحجّ لا تجب إلا في حقّ من توافرت فيه شروط الاستطاعة؛[٢] والتي فرّقوا فيها بين المرأة والرجل على النحو الآتي:


شروط الاستطاعة العامّة للرجال والنساء

اشترط جمهور الفقهاء لوجوب الحجّ عدّة شروط يجب توفرها للرجال والنساء على حدٍ سواء، يمكن تلخيصها بما يأتي:[٣]

  • القدرة على تأمين الزاد، وعلى النفقة ذهاباً وإياباً.
  • توفرّ الراحلة لغير أهل مكة المكرمة؛ لأنّ المشقة الزائدة لا تلحقهم كغيرهم، فتكون كالسّعي إلى الجمعة، وفصّل الحنفيّة في اشتراط الراحلة لأهل مكة، فقالوا من بَعُدَ عنها مسيرة ثلاثة أيام اشترط له الراحلة.
  • اشتراط صحة البدن، والقدرة على المشي وأداء المناسك، دون حصول المشقة العظيمة.
  • أمن الطريق المؤدي إلى مكة المكرمة، ويشمل الأمن على النفس والمال.
  • إمكانية السير؛ وذلك في أشهر الحجّ ووقت خروج أهل البلد إلى مناسك الحجّ، وقد عدّها بعض الفقهاء من لواحق الاستطاعة للحجّ.


وقد استدلّ الجمهور بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، في تفسير معنى الاستطاعة بالحجّ؛ حيث سأله بعض الصحابة عن معنى الآية الكريمة التي أشرنا لها سابقاً: (يا رَسولَ اللهِ، ما السَّبيلُ؟ قالَ: الزَّادُ والرَّاحِلةُ).[٤][٣]


وبيّن الفقهاء شروط الزاد وآلة الركوب -الراحلة-؛ فقالوا إنّ الزاد المطلوب تواجده في وجوب الحجّ، هو الذي يحتاج إليه المُحرم ذهاباً وإياباً من مأكل ومشرب وكسوة، بنفقة وسط لا إسراف، ولا تقتير فيها؛ كما يُشترط إيجاد راحلةٍ تصلح لحاله؛ سواء أكانت شراءً أم استئجاراً.[٥]


شروط الاستطاعة للنساء

زاد الفقهاء على شروط الاستطاعة العامة شرطين آخرين على النساء؛ وقد تعددت الآراء في اشتراطها؛ ويمكن بيان هذه الشروط بالآتي:[٦]

  • وجود المحرم؛ بأن يصحبها زوجها أو محرم لها أميناً عليها، أو الرفقة المأمونة عند من أجازها -كالشافعيّة-؛ بوجود امرأتين أو أكثر ممن يُوثق بهنّ.
  • عدم وجودها في عدّة الطلاق أو الوفاة؛ فإذا كانت المرأة معتدة من طلاق أو وفاة وجب عليها البقاء في بيت العدة، ولا يجوز لها الإحرام بالحجّ؛ لأنّ إحرامها لذلك يؤدي إلى ترك واجب المكوث في بيت العدّة أو مكانه.


وجوب الحج بعد حصول الاستطاعة

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة؛ إلى أنّ الحجّ يجب فوراً على من وجد في نفسه شروط الاستطاعة؛ وإن حصل التأخير بإرادته كان آثماً بذلك، بينما ذهب الشافعيّة إلى القول بأنّ الحجّ يجب على التّراخي في حال تحقّق شروط الاستطاعة، ولا يكون المسلم آثماً أو عاصياً عند تأخيره له، بشرط:[٧]

  • أن لا يخاف المسلم فوات الحجّ؛ إمّا لكبر سنّه أو عجزه أو مرضه، أو لضياع ماله، أو نحو ذلك
  • أن يكون التأخير مقروناً بالعزم والنيّة؛ أيّ أن يكون عازماً على أداء الحجّ في نفسه مع التأخير؛ وإلا كان آثماً بتأخيره.

المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:97
  2. مجموعة من المؤلفين، موسوعة التفسير المأثور، صفحة 393، جزء 5. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 28-35، جزء 17. بتصرّف.
  4. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1633، صحيح على شرط الشيخين.
  5. ابن أبي عمر، الشرح الكبير على المقنع، صفحة 45، جزء 8. بتصرّف.
  6. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 574-575، جزء 1. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 212، جزء 1. بتصرّف.