شروط مال الحج
يشترط في نفقة الحج أن يكون المال حلالاً طيباً مباحاً خالصاً من الشبهة والحرام، لا يخالطه إثمُ، فلا يكون من ربا أو من غشٍ، وغير ذلك من أنواع المفاسد المحرمة، بل يكون من مالٍ حلالٍ، وبذلك يكون الحج مبروراً صحيحاً مقبولاً، فالله -عزّ وجلّ- طيبٌ لا يقبل إلا طيباً.[١][٢]
قال النبي -صلى الله عليه وسلم في حديثه: (أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!).[٣]
حكم الحج من مال حرام
إذا حج المسلم بمال حرام، كأن يكون فيه شبهة، أو يكون المال مغصوباً أو مسروقاً أو ربوياً، ونحوه، فحجه ليس مبروراً، وهو آثم وعاصٍ ومستحقٌ للعقوبة عند الله -عزّ وجلّ-، لانتفاعه بالمال الحرام، إلا أن حجه يعتبر صحيحاً مجزئاً، وسقطت عنه فريضة الحج، وهذا ما ذهب إليه جماهير أهل العلم من السلف والخلف؛ وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية.[٤]
وعلّتهم في ذلك أن أفعال الحج مخصوصة، والتحريم لمعنى خارج عنها، فالمال الحرام لا يطرأ على شروط الحج ولا على أركانه ولا على واجباته، والأمر بالحج منفصل عن النهي عن تناول المال الحرام، فهو جهة منفكة عن أعمال الحج، كما لو صلى في مكان مغصوب، أو في ثوب مغصوب، أو توضأ بماء مغصوب، فالصلاة صحيحة، والوضوء صحيح، لكنه آثم.[٥]
وذهب الحنابلة إلى القول إن الحج بمال حرام لا يقبل ولا يصح، ولا يجزئه الحج بمال حرام، وفي رواية أخرى يصح مع الحرمة.[١]
صفة الحج المبرور
الحج المبرور هو الحج المقبول الخالص لوجه الله -عزّ وجل-، الذي لا يخالطه شيء من المعاصي والآثام، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ)،[٦] فهو الحج الذي يجتمع فيه عدة أمور وشروط، وهي:[٧][٨]
- كونه خالصاً لوجه الله -تعالى-
- كونه بمال حلالٍ طيبٍ.
- كونه موافقاً للسنة، فيؤدى الحج وفق ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى صفة حجه.
- عدم ارتكاب المخالفات والمحظورات الشرعية، فيقوم الحاج بفعل ما يجب ويترك ويجتنب كل ما يحرم، فيشتغل فيه بالطاعات والأعمال الصالحة؛ كالعبادة، والدعوة، وإفشاء السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واجتناب الرفث والفسوق والجدال، والتحلي بمكارم الأخلاق
فإذا اجتمعت هذه الأشياء في الحج يرجى للمسلم أن يكون حجه مبروراً، وتكون حاله بعده أحسن منها قبله، وقد أجاب الإمام الحسن البصري -رحمه الله- عندما سُئل عن الحج المبرور، فقال: "أن يرجع زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة".[٩]
المراجع
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 82. بتصرّف.
- ↑ "من حج بمال حرام يصح حجه، ولكن...."، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1015، صحيح.
- ↑ محمد إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 228. بتصرّف.
- ↑ "كم الحج من مال حرام"، الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1773، صحيح.
- ↑ عبد الله بن مانع الروقي، شرح كتاب الحج من بلوغ المرام، صفحة 15-16. بتصرّف.
- ↑ "السبيل إلى الحج المبرور"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2022. بتصرّف.
- ↑ ابن الجوزي، مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن، صفحة 91. بتصرّف.