شروط محرم المرأة في العمرة

يشترط في محرم المرأة أن يكون مسلماً، بالغاً، عاقلاً، ثقة، عدلاً، مأموناً، صاحب استقامة؛ وذلك لكي يحصل منه المقصود في مرافقته للمرأة في العمرة، وهو حمايتها وصيانتها، ورعايتها والقيام بشؤونها، ولا بدّ أن يكون المحرم زوج المرأة، أو ممن يحرم عليها الزواج به على وجه التأبيد، لأسباب القرابة، أو المصاهرة، أو الرضاع، كابنها وأخيها وزوج ابنتها، ونحو ذلك.[١]


وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، وظاهر مذهب المالكية، إلى أنه يصلح أن يكون المحرم مميزاً مراهقاً، يقرب سنه سن البلوغ، إن تأكدت الأمان على نفسها معه، باعتباره كالبالغ، بينما ذهب الحنابلة إلى القول باشتراط أن يكون المحرم بالغاً، فلا يصلح عندهم أن يكون مميزاً دون أن يصل إلى سنّ البلوغ، لأن المقصود منه حفظ المرأة، ولا يحصل هذا إلا من البالغ العاقل.[٢]


وذهب الشافعية إلى القول بعدم اشتراط العدالة في المحرم، فيكفي أن تكون عنده غيرة تمنعه من أن يرضى بالزنا، ولو كان فاسقاً غير ثقة فيما يظهر، فالوازع الطبيعي أقوى من الوازع الشرعي.[٣][٤]


حكم العمرة من غير محرم

اتفق جمهور الفقهاء على عدم جواز سفر المرأة وحدها دون أن يرافقها محرم، إن كان هذا السفر سفراً غير واجب؛ كحج التطوع؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ، ولَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا ومعهَا مَحْرَمٌ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أنْ أخْرُجَ في جَيْشِ كَذَا وكَذَا، وامْرَأَتي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقالَ: اخْرُجْ معهَا)،[٥] وقوله: (لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ تُسافِرَ مَسِيرَةَ يَومٍ ولَيْلَةٍ ليسَ معها حُرْمَةٌ).[٦][٧]


وتعددت آراؤهم في حكم سفرها من غير محرم في السفر الواجب؛ كحجة فريضة الإسلام، فذهب الحنفية والحنابلة إلى القول بعدم الجواز، وقال المالكية والشافعية بجواز سفرها لحجة الإسلام من غير محرم، بشرط أن يرافقها عصبة نساء ثقات، وتكون الرفقة مأمونة.[٨]


واستناداً إلى ذلك، فقد اختلف الفقهاء في حكم ذهاب المرأة للعمرة من غير محرمها، بناءً على اختلافهم في حكم العمرة، حيث ذهب الحنفية والمالكية إلى قول أنها نافلة وسنة، فلا يجوز ذهابها إلى العمرة من غير محرم مطلقاً؛ لأنه سفر غير واجب.[٩]


وذهب الشافعية والحنابلة إلى القول أن العمرة واجبة كالحج مرة واحدة في العمر، فجوّز الشافعية ذهابها إلى العمرة من غير محرم، مع عصبة نساء ثقات، وتكون صحبتهنّ مأمونة أثناء السفر، فيجزئ عندهم رفقة نساء ثقات عوضاً عن المحرم،[١٠] وأما الحنابلة فذهبوا إلى عدم جواز سفرها للعمرة من دون محرمها، وإن كانت العمرة واجبة عندهم، حيث إنهم لم يجوّزوا ذهابها من غير المحرم في السفر الواجب؛ كسفرها لحجة الإسلام، كما تم بيانه.


المراجع

  1. "المَبْحَثُ الثَّامِنُ: اشتراطُ المَحْرَمِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 20/7/2022. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 340. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 36-37. بتصرّف.
  4. نور الدين عتر، الحج والعمرة في الفقه الإسلامي، صفحة 27-28. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1862، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1088، صحيح.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 206. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 206-207. بتصرّف.
  9. أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 18. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 323. بتصرّف.