حكم أداء عمرتين في يوم واحد

القول بالجواز

أفتى جمعٌ من أهل العلم بجواز تكرار أداء مناسك العمرة أكثر من مرة في فترة زمنيّة قصيرة؛ مستدلين بالأدلة الآتية:

  • قوله -صلى الله عليه وسلم-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا...)؛[١] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ...)،[٢] إذ لا يظهر من هذه الأحاديث تحديد المدّة التي تكون بين العمرتين.[٣]
  • عمل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، حين أتبعت عمرتها الأولى بعمرة ثانية بعد فترة يسيرة؛ قيل كانت أقل من عشرين يوماً، وذلك لأنّها كانت -رضي الله عنها- حائضاً وقت أداء العمرة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، ولمّا طهرت وأحرمت بالحجّ قارنة، استأذنت النبي -صلى الله عليه وسلم- لأداء العمرة فأذن لها النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك ولم يمنعها.[٤]


وإن كان بعض أهل العلم قد حدّدوا المدّة بين العمرتين بإنبات الشعر، وقيل بأربعين يوماً؛ أيّ إذا طال شعره، وكان يمكن معه الحلق مرة أخرى، وقد تمّ الردّ على هذا الضابط -ممن أجازوا تكرار العمرة- بأنّ المُحرم قد يُقصّر من شعره؛ فلا يحلقه كلّه، وعليه جاز أداء عمرتين بينهما فاصل يسير، ولا عبرة في هذا الضابط، كما أنّ جمهور الفقهاء ذهبوا إلى جواز تكرار العمرة في السنة الواحدة، دون قيد أو شرط.[٣]


القول بالكراهة

ينبغي التنبيه إلى أنّ بعض أهل العلم قد كرهوا تكرار العمرة على هذا النحو -أيّ بفاصل يسير-؛ متعللين بالآتي:

  • أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الفتح بقي في مكة المكرمة تسعة عشر يوماً، ولم تذكر المصادر أنّه ذهب واعتمر أكثر من مرة، وكذلك في عمرة القضاء؛ حيث بقي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أيام في مكة المكرمة؛ فلم يقم بتكرار العمرة على النحو المذكور.[٥]
  • أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر بعد حجّه، فالأولى ترك هذا الأمر إذا شقّ على المعتمرين، أو على المُحرمين في الحجّ، وخشيت الزحمة والإضرار بالناس.[٤]
  • إنّ ما ورد في أمر أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- كان لظرف خاصٍ بها، بسبب حيضها لذلك أجاز لها النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك.[٦]
  • إنّ الأفضل لمن أدّى عمرة الإسلام عن نفسه أن ينشغل بالطواف، والصلاة، والعبادة وسائر الطاعات عن الخروج من الحرم لأداء عمرة أخرى.[٧]


شروط تكرار العمرة

اشترط العلماء المجيزون لتكرار العمرة شرطتين أساسيين لجواز أداء العمرة الثانية، وهما:

  • أن يكون المُحرم قد أدّى عمرة الإسلام عن نفسه، فإن أدّاها جاز له تكرار العمرة عن غيره من الأحياء -العاجزين- أو من الأموات.[٨]
  • أن يُحرم من التنعيم أو أدنى الحلّ لمن كان من أهل مكة المكرمة، أو ممن هو فيها من غير أهلها؛ وإن كان الأفضل في الإحرام من الجعرانة لإحرام النبي -صلى الله عليه وسلم- منها.[٩]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، صحيح.
  2. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2630، قال الألباني حسن صحيح.
  3. ^ أ ب محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 16، جزء 213. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن باز، فتاوى نور على الدرب، صفحة 142، جزء 17. بتصرّف.
  5. ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 21، جزء 72. بتصرّف.
  6. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 21، جزء 30. بتصرّف.
  7. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 591. بتصرّف.
  8. ابن المحاملي، اللباب في الفقه الشافعي، صفحة 209. بتصرّف.
  9. أحمد حطيبة، آداب العمرة وأحكامها، صفحة 3، جزء 2. بتصرّف.