شروط العمرة للأطفال

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الحج والعمرة تصحّ من الصبي المُميّز وغير المُميّز -الذي لم يبلغ سنّ التكليف-؛ كما ذهبوا إلى أنّ الطفل الصغير الذي يذهب لأداء المناسك بالحجّ أو العمرة؛ يُستحب لوليّه القيام بما يأتي:


الإحرام عن الطفل

ذهب المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى أنّ الوليّ هو من يُحرم عن الصبيّ الصغير؛ سواء أكان أباً أو أخاً أو جدّاً، مُحرماً أو غير مُحرم، حجّ عن نفسه، أو اعتمر أم لا؛ وذلك بأن يعقد في قلبه نيّة الإحرام عن هذا الصبيّ؛ فيقول: "أحرمت عنه… أو نويت جعل هذا الصبيّ مُحرماً…" أو نحو ذلك، ولا يُشترط لهذه النيّة التقابل، أو اللقاء، أو أن يكون مصاحباً لهذا الصبيّ، ولا يصير الوليّ بها مُحرماً، وقد اشترط الشافعيّة إذن الوليّ في إحرام الصبيّ، كما أجازوا أن يأذن هذا الوليّ لغيره أن يُحرم عن الصبيّ. [١]


وذلك لأنّ الحج والعمرة عبادات تعبديّة ماليّة؛ والصبيّ لا يصحّ تصرّفه بالأعمال التي يلزم لها الأموال كالهدي والفديّة، ونحوها من الأعمال دون إذن وليّه بهذا التصرّف.[٢] وقد استدلوا على ذلك بما ثبت في الصحيح؛ أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لقي ركباً من المسلمين بمنطقة الروحاء؛ فسألهم: (مَنِ القَوْمُ؟)؛ فقالوا بأنّهم مسلمون، ثم عرّفهم بنفسه أنّه رسول الله؛ فرفعت امرأة منهم صبيّاً صغيراً تسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَلِهذا حَجٌّ؟)، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ).[٣][١]


إشراك الطفل بأداء المناسك

يُستحب لوليّ الصبيّ أن ينوي عنه أداء المناسك، واشترطوا أن يُشرك الوليّ الصبيّ في أداء المناسك قدر الاستطاعة؛ فيسعى معه، ويطوف، ويرمل، ويُشهده المشاهد كلها، ويحرص على أن يُجنبه المحظورات، التي تتعلق بالإحرام وجميع المناسك.[٤]


كما يُستحب أن يُصلي الولي عن الصبيّ ركعتي الإحرام والطواف، بالإضافة إلى وجوب ستر العورة، والطهارة من النجاسات دون اشتراط الوضوء؛ ولخّص بعض العلماء القول في هذا الشأن بأن قالوا: ما استطاع الصبيّ فعله بنفسه فعله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وما عجز عنه أدّاه عنه الوليّ.[١]


ولا يُفهم من هذا أنّ على الوليّ أداء النُسُك مرتين؛ بل يُجزئه أن ينوي في أداء المناسك عنه وعن الصبيّ في أصحّ الأقوال، إذ إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشترط على المرأة التي سألته عن حجّ الصبيّ أن يُؤدى عنه النُسُك منفرداً مستقلاً، وإن عدّه بعض العلماء هو الأكمل والأفضل.[٥]


صحة العبادة من الأطفال

ذهب العلماء إلى أنّ العبادة تصحّ من الصغير غير المميز، وأنّه يُؤجر عليها ويُثاب، كأداء الصلوات والصيام والاعتكاف، والحجّ ونحوها من الطاعات والعبادات، استدلالاً بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- تعليم الأبناء الصلاة وهم أبناء سبع سنوات، وضربهم عليها ضرباً غير مبرح وهم أبناء عشر، بالإضافة إلى الاستدلال بحديث تصويم الغلمان يوم عاشوراء.[٦]


وقد ثبت عن الربيع بنت معوذ بن عفراء -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أَرْسَلَ النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ: مَن أصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ، ومَن أصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ، قالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، ونُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، ونَجْعَلُ لهمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ علَى الطَّعَامِ، أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حتَّى يَكونَ عِنْدَ الإفْطَارِ).[٧][٦]

المراجع

  1. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2078، جزء 3. بتصرّف.
  2. حمد الحمد، شرح زاد المستقنع، صفحة 14، جزء 11. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1336، صحيح.
  4. بدر الدين ابن قاضي شهبة، بداية المحتاج في شرح المنهاج، صفحة 616، جزء 1. بتصرّف.
  5. ابن باز، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، صفحة 52، جزء 16.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 95، جزء 33. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، الصفحة أو الرقم:1960، صحيح.