شرع الله -عزّ وجلّ- للمسلم عباداتٍ كثيرةً تمكّنه من التقرّب إليه -سبحانه وتعالى- ونيل حبّه ورضاه، ومن أجمل وأَعظم تلك العِبادات: فَريضة العمرة؛ وهي قصد بيت الله الحرام على وجهٍ مخصوصٍ بِإحرامٍ، وطوافٍ، وسَعي، وحَلْقٍ أو تقصيرٍ، ثُمَّ التحلّل،[١] وآتيًا حديثٌ عن شروط العمرة وبيانٌ لها.


شروط العمرة

وَجبت للعُمرة خمسة شروط عامّةٍ للرجال والنساء لا بدّ من توافرها حتّى تُؤدّى، وفيما يلي بيان كلّ شرطٍ من هذه الشروط.[٢]


الإسلام

فلا تجبّ العمرة على غير المسلم، ولا تصحّ منه؛ لعدم أهليّته لأداء العبادة؛ إذ إنّ غير المسلم ليس مخاطبًا بالعبادات وأدئها، بل لا بُدّ أن يكون مسلمًا حتّى يؤمر بأداء العبادات ويخاطب بالتكاليف.[٢]


العقل

فلا تجبّ العمرة على المجنون؛ لأنّه غير مُطالب بالأحكام الشرعيّة، وهو ليس أهلًا للعبادة، ولو اعتمر المجنون أو الصبيّ غير المميّز لم يصحّ أَداؤها منهما؛ لأنّ أداءها يتوقّف على العقل، فقدّ روي عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قوله: "رُفِعَ القلَم ُعَن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يَستيقظَ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يكبُرَ، وعنِ المَجنونِ حتَّى يعقِلَ أو يفيقَ".[٣][٤]


البُلوغ

فلا تجبّ العُمرة على الصبيّ حتى يَحتلِم، ولو اعتمر الصبيّ؛ فإنّ عمرته صحيحةٌ إلّا أنّها لا تُجزئه عن عمرة الإسلام الواجبة عند من يقول بأنّ العمرة واجبةٌ.[٢][٤]


الاستطاعة والقدرة

ويقصد بها استطاعة المكلّف أداء العبادة بمختلف وجوه القدرة والإمكان؛ فقال الحنفيّة: للاستطاعة ثلاثة أنواع؛ ماليّة وبدنيّة وأمنيّة، وبيانها على النحو الآتي:[٤]

  • الاستطاعة البدنيّة: هي صِحّة البدن وسلامته من الأمراض التي تُعوّقه عن أعمال العمرة أو تمنعه من أدائها.
  • الاستطاعة الماليّة: وهي ملك الزّاد والراحلة؛ بأن يقدر على الزّاد ذَهابًا وإِيابًا، وعلى وسيلة الرّكوب، والمسكن، وما لا بدّ منه من الحاجات؛ كالثيّاب والطعام، بالإِضافة إلى نفقة عياله الذين تلزمه نفقتهم إلى حين عودته إليهم.
  • الاستطاعة الأمنيّة: ويقصد بها أن يكون الطريق آمنًا ويغلب عليه السلامة، وهو شرط وجوبٍ فيما روي عن أبي حنيفة، وقال بَعضهم إنّه شرط أداء، كما أنّ من الفقهاء من ذكر أنّه لا عمرة على الممنوع من قبل سلطانٍ جائرٍ من الخروج إلى العمرة، لأنّ الله -عزّ وجلّ- شرط الاستطاعة لوجوبها.


شروط العمرة الخاصّة بالنساء

يتعلّق بالنساء شرطان خاصان بهنّ فيما يتعلّق بالاستطاعة، ولا بدّ منهما؛ حتّى تجبّ العمرة على المَرأة، وهما:[٥][٦]

  1. الزوج أو المُحرم الأمين: والمُحرم الأمين المشروط في استطاعة المرأة لأداء العمرة؛ هو كلّ رجلٍ مأمونٍ عاقلٍ بالغٍ يحرم عليه بالتأبيد التزوج منها سَواء كان التحريم بالقَرابة أم الرضاعة أم الصهرية، أو أن يكون المحرم زوجها.
  2. عدم العدّة: يشترط عند خروج المرأة لأداء العمرة ألّا تكون معتدَّةً من طلاقٍ أو وفاةٍ، لأنّ الله تعالى نهى المعتدّات عن المبيت خارج بيوتهنّ فترة العدّة، والعمرة يمكن أداؤها في وقتٍ آخر؛ فتنتظر المرأة المعتدّة انتهاء عدّتها ثمّ يجوز لها الخروج لأداء العمرة.

المراجع

  1. سعيد بن وهف القحطاني، العمرة والحج والزيارة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 5. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت سعيد بن وهف القحطاني، كتاب العمرة والحج والزيارة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 7-8. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1673 ، صحيح.
  4. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2076-2082. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2092. بتصرّف.
  6. سعيد بن وهف القحطاني، كتاب مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 103. بتصرّف.