محظورات الإحرام للعمرة

يُقصد بمحظورات الإحرام؛ الأمور التي تمتنع بسبب الإحرام أو الدخول في النُسُك؛ ولله -عز وجلّ- في ذلك حكمة؛ حيث جعل للعبادات شروطاً لا تتم إلا بها، كما جعل لها ممنوعات تفسدها، أو تنقص من كمالها، ولا تُفسدها كلّها.[١]


ولقد بيّنت النصوص الشرعيّة المحظورات التي تتعلق بالإحرام في العمرة، والتي تختلف باختلاف المُحْرم ذكراً كان أم أنثى؛ كما تجمع بينهما عدد من المحظورات، ويمكن تفصيلها على النحو الآتي:[٢]


محظورات الإحرام العامّة

يشترك الرجال والنساء في عدد من المحظورات والموانع التي لا يصحّ الإتيان بها أثناء النُسك، وبعد عقد نيّة الإحرام؛ وهي:[٣]

  • حلق شعر الرأس، أو التقصير منه

دليل ذلك قوله -تعالى-: (وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ...).[٤]


  • تقليم الأظافر

حيث جاء في تفسير قوله -تعالى-: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)؛[٥] أنّ التفث هو تقليم الأظفار، وقص الشارب، والّلحى.


  • الطيب

وهو العطر أو ما يتطيب به؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (... ولَا تَلْبَسُوا شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، ولَا الوَرْسُ...).[٦]


  • الصيد

ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ...).[٧]


  • عقد النكاح

حيث نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؛ فقال: (لا يَنْكِحُ المُحْرِمُ، ولا يُنْكِحُ، ولا يَخْطُبُ).[٨]


  • الجماع، ومقدماته

وذلك لما جاء في تفسير قوله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ...)؛[٩] بأنّ الرفث هو الجماع، أو مقدماته من مباشرة ونحوها.


محظورات الإحرام للرجال

اختصّ الله -سبحانه- الرجال دون النساء بعدد من الموانع -إضافةً إلى ما سبق ذكره من المحظورات العامّة-، التي يجب الابتعاد عنها بعد الدخول في الإحرام؛ وهي:[١٠]

  • لبس المخيط.
  • تغطية الرأس

ودليل ذلك أنّ رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عمّا يُلبس في الإحرام؛ فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا البَرَانِسَ، إلَّا أنْ يَكونَ أحَدٌ ليسَتْ له نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ...).[٦]


محظورات الإحرام للمرأة

بيّنت النصوص الشرعيّة من السنة النبويّة أنّ على المرأة تحديداً الابتعاد عن عدد من المحظورات التي تتعلق بها؛ وهي: لبس النقاب ولبس القفازين، حيث نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؛ ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (... ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ).[٦][١١]


من الذي تلزمه فدية المحظورات؟

يُقصد بالفديّة ما يفعله المُحرم جزاء قيامه بإحدى محظورات الإحرام؛[١٢] وتجدر الإشارة إلى أنّ فاعل المحظورات لا يخرج عن إحدى الحالات الآتية:[١٣]

  • من يفعل المحظور عامداً بلا عذر أو حاجة؛ فهو آثم وتلزمه الفديّة.
  • من يفعل المحظور لحاجته إليه؛ كمن يلبس المخيط، أو يُغطي رأسه لضرر أصابه؛ فلا بأس بفعل المحظور على رأي أهل العلم، ولكن تلزمه الفديّة.
  • من يفعل المحظور وهو معذور؛ بعذر النسيان أو الجهل، أو الإكراه، أو النوم ونحو ذلك؛ فلا إثم عليه، ولا تلزمه الفديّة على رأي بعض أهل العلم، وقد قالوا إنّ ذلك أقرب للصواب، وأقرب لدلالة النصوص الشرعيّة، مثل قوله -تعالى-: (... وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).[١٤]


أقسام محظورات الإحرام من حيث الفدية

قسّم أهل العلم محظورات الإحرام من حيث لزوم الفديّة، وعدم لزومها؛ ومقدارها، ونحو ذلك؛ إلى عدّة أقسام، يمكن بيانها على النحو الآتي:[١٥]

  • ما لا فديّة فيه؛ وهذا في عقد النكاح.
  • ما فيه فديّة مغلظة؛ وهذا في حال الجماع بالحج قبل التحلل الأول.
  • ما فيه فديّة البدل أو الجزاء؛ وهذا في حال الصيد.
  • ما فيه فديّة الأذى؛ وهذا في بقيّة المحظورات التي أشرنا إليها سابقاً؛ ومقدار الفديّة في كل من إزالة الشعر، أو تقليم الأظافر، أو تغطية الرأس ولبس المخيط؛ واستعمال الطيب، ولبس المرأة للنقاب والقفازين؛ تكون بذبح شاة أو إطعام ستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع مما يطعم، وإما صيام ثلاثة أيام؛ وذلك لقوله -تعالى-: (... فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ...).[٤]

المراجع

  1. ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 2، جزء 277. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 123، جزء 2. بتصرّف.
  3. أحمد الخليل، شرح زاد المستقنع، صفحة 86-96، جزء 3. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سورة البقرة، آية:196
  5. سورة الحج، آية:29
  6. ^ أ ب ت رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1838، صحيح.
  7. سورة المائدة، آية:95
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:1409، صحيح.
  9. سورة البقرة، آية:197
  10. محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 4، جزء 135. بتصرّف.
  11. محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 5، جزء 135. بتصرّف.
  12. حمد الحمد، فقه الصيام والحج من دليل الطالب، صفحة 3، جزء 14. بتصرّف.
  13. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 278-279. بتصرّف.
  14. سورة الأحزاب، آية:5
  15. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 281-283. بتصرّف.