أوقات العمرة

أباح الشرع أداء مناسك العمرة في أيّ وقت من أوقات العام، ليلاً أو نهاراً، وذلك لأنّ النصوص الشرعية التي وردت في أداء العمرة مطلقةٌ عامّة، ولم يرد في الكتاب العزيز ولا في السنة النبويّة أي تقيّيد لها بوقت أو زمنٍ محدد، فما كان عاماً مطلقاً يبقى كذلك ما لم يردّ في تقيّيده نصاً، وقد استثنى بعض العلماء أيام التشريق للحاجّ من هذا العموم، فقد كره بعض العلماء أداء الحاجّ للعمرة في أيام التشريق، وشدّد بعضهم في ذلك؛ وهذا لما يأتي:[١]

  • إنّ الحاجّ يكون منشغلاً في أيام التشريق باستكمال مناسك الحج، فالأفضل والأكمل له أن يَفْرُغَ من نُسُك الحجّ أولاً ثم يعتمر.
  • إنّ هذا الأمر مُخالفٌ لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ لم يرد عنه أنّه قام بأداء العمرة في أيام التشريق وهو حاجّ.
  • إنّ في أداء العمرة للحاجّ في هذه الأيام إدخالاً للعبادة في عبادة أخرى، وهو خلاف الأولى.


أفضل أوقات العمرة

دلّت العديد من النصوص على أفضلية أوقات أداء مناسك العمرة، وقدّ رتبها العلماء على النحو الآتي:


العمرة في رمضان

حيثّ عدّ العلماء أنّ العمرة في رمضان هي أفضل الأوقات للأداء؛ وذلك لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (... إنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً -أوْ حَجَّةً مَعِي-)؛[٢] ولا يُفهم من هذا الحديث أنّ أداء العمرة في رمضان يُسقط فرض الحجّ أو يُجزئ عنه؛ إنّما ذلك من باب المبالغة، وإلحاق الأجر الأقل بالأجر الأفضل والأكبر، وترغيباً وحثّاً على هذا الأمر.[٣]


العمرة في ذي الحجة

لا يخفى أنّ أداء مناسك العمرة في هذه الأيام المباركة يدخل في عموم العمل الصالح الذي خصّه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالذكر والفضل؛ ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ -يقصد ذي الحجة- أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ).[٤][٥]


العمرة في وقت الحجّ

تؤكّد مصنفات السيرة أنّ عُمَر النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت كلّها في أشهر الحجّ؛ عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، وعمرة حجّه -صلى الله عليه وسلم- أيضاً كانت في أشهر الحجّ، فيجوز الارتحال إلى مكة المكرمة في وقت الحجّ لأداء مناسك الحجّ، أو مناسك العمرة، أو كلاهما معاً؛[٦] حتى إنّ بعض العلماء فضّل حجّ التمتع على غيره؛ لأنّ المسلم يأتي بالعمرة في أشهر الحجّ، فيكون قد أدّى بنُسُكُه حجّاً وعمرة.[١]


متابعة العمرة بالعمرة

رغّب النبي -صلى الله عليه وسلم- بمتابعة أداء مناسك العمرة، إذا انتهى المسلم من أداء واحدة، شرع بأخرى كلّما أتيح له ذلك؛ حيث ذكر -صلى الله عليه وسلم- أنّ المتابعة في العمرة كفارة لما بينهما، ومغفرة للخطايا؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا...)،[٧][٨] وينبغي التنبيه إلى أنّ تكفير الذنوب المقصود في الحديث ما كان للصغائر دون الكبائر؛ وبهذا قال جمعٌ من أهل العلم، كما أنّ هذا الحديث فيه دلالة صريحة على جواز تكرار العمرة خلال العام، خلافاً لمن قال بالكراهة.[٩]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 11، جزء 126. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1863، صحيح.
  3. عبد الرؤوف المناوي، فيض القدير، صفحة 361، جزء 4. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:969 ، صحيح.
  5. ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين لابن عثيمين، صفحة 303، جزء 5. بتصرّف.
  6. ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، صفحة 31، جزء 21. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، صحيح.
  8. عبد القادر شيبة الحمد، فقه الإسلام شرح بلوغ المرام، صفحة 4، جزء 4. بتصرّف.
  9. عبد الله البسام، توضيح الأحكام من بلوغ المرام، صفحة 6، جزء 4. بتصرّف.