عمل عمرة لشخص على قيد الحياة

جواز النيابة عن الحي في العمرة

ذهب جمعٌ من الفقهاء إلى القول بجواز أداء العمرة عن الحيّ والميت؛ وذلك لأنّ العمرة كالحجّ عبادة بدنيّة ماليّة، يجوز النيابة فيهما، ولقد فصّل أصحاب المذاهب الأربعة في هذه المسألة، واشترط بعضهم عدّة شروط لجواز النيابة؛ وتالياً بيان أقوالهم وشروطهم:[١]

  • ذهب الحنفيّة إلى جواز النيابة عن أحدٍ في أداء العمرة بأمر منه؛ فالنيابة عندهم تصحّ بالأمر والإذن؛ فإنّ أمر هذا الحيّ من ينوب عنه في العمرة؛ فأحرم وأدّاها عنه صحّت عمرته ونيابته.
  • ذهب المالكيّة إلى أنّ النيابة في أداء العمرة مكروهة؛ ولكنّها إنْ وقعت صحّت.
  • ذهب الشافعيّة إلى أنّ النيابة في أداء العمرة عن أحدٍ تجوز في حال كان المنوب عنه عاجزاً عن أدائها بنفسه، أو ميتاً؛ ولا يُشترط عندهم الإذن، فلو أدّى العمرة أجنبيّ جاز عندهم.
  • ذهب الحنابلة إلى جواز النيابة في أداء العمرة بإذن منه؛ لأنّها عبادة تدخلها النيابة فلا تكون إلا بالإذن، أمّا عن الميت فلا يُشترط إذنه.


أدلة الجواز

استدلوا القائلين بجواز النيابة في العمرة عن الحيّ بما ثبت في السنّة النبويّة؛ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه أجاب رجلاً سأله: (يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ، لاَ يستطيعُ الحجَّ ولاَ العمرةَ ولاَ الظَّعن -الركوب على الراحلة-؛ قالَ: احجج عن أبيكَ واعتمر).[٢][٣]


إضافةً إلى حديث المرأة التي سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أدائها الحجّ عن أبيها؛ فقالت: (يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ علَى عِبَادِهِ في الحَجِّ، أَدْرَكَتْ أَبِي شيخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ علَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ).[٤][٣]


شروط صحة النيابة عن الحي

اشترط الفقهاء لصحّة النيابة عن الحيّ في أداء مناسك العمرة عدّة شروط؛ وقد أشرنا إلى بعضها سابقاً -عند التفصيل في آراء الفقهاء-، ويمكن استكمال هذه الشروط وتلخيصها على النحو الآتي:[٥]

  • أن ينوب النائب في إحرامه، وأداء مناسكه عن الشخص الحيّ الذي ناب عنه في النُسُك، فينوي ويقول: "لبيك اللهم عمرة عن فلان...".
  • أن يكون الحيّ عاجزاً عن الأداء؛ إمّا لمرض أو كبر سنّ أو نحو ذلك من الأعذار.
  • أن يستمر العجز حتى الموت؛ فإنّ ذهب هذا العجز قبل الموت لزمه إعادة النُسُك الواجب.
  • وجود العجز أو العذر المانع من أداء النُسُك قبل النيابة عنه.
  • أن تكون النفقة من مال هذا الحيّ؛ كلّها أو أكثرها، إلا إذا تبرّع النائب بذلك فلا حرج.
  • أن يُحرم النائب بالنُسُك على الوجه الذي طلبه هذا الحيّ؛ فإنّ أمر بالاعتمار من مال، ومن مكان محدد؛ وجب على النائب اتّباع ذلك، كما لو طلب الاعتمار فقط؛ دون التّمتع إلى الحجّ أو القِرَان وجب الأمر على ما طلبه؛ فإن لم يُحدد الحيّ كان الإحرام عنه كما يفعل أهل بلده.
  • أن يكون النائب مسلماً، مكلّفاً بالغاً، عاقلاً.
  • أن يكون النائب قد اعتمر عمرة الإسلام عن نفسه.
  • أن يؤدي النائب الذي عيّنه الحيّ بنفسه؛ فإن قال: "اعتمر عني يا فلان" لم تصحّ النيابة من غيره، أمّا إنّ فوّض الحيّ أحداً من أهله بأمر أداء العمرة عنه؛ جاز تعيين أيّ أحد.
  • أن لا يُفسد النائب نُسكه؛ فإن أفسده لزمه القضاء.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 328-329، جزء 30. بتصرّف.
  2. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن رجل من بني عامر، الصفحة أو الرقم:1810، صححه الألباني.
  3. ^ أ ب ابن باز، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، صفحة 422، جزء 16. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1334، صحيح.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2106-2113، جزء 3. بتصرّف.