شروط وواجبات العمرة

إنّ العمرة شعيرةٌ من شعائر الله تعالى، وجاءت النصوص الشرعيّة من القرآن الكريم والسنّة النبويّة مبيِّنةً لكيفيّة أدائها وشروطها وواجباتها، وفيما يلي بيان هذه الشروط والواجبات وما يتّصل بها.

شروط وواجبات العمرة

شروط العمرة

إنّ لأداء العمرة شروطًا لا بدّ من توافرها لصحّة العمرة؛ والشرط في اللغة يعني العلامة، وفي الاصطلاح هو ما لا يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم؛ فيكون خارجًا عن ماهيّة الشيء، ومثاله: أنّ الصلاة -مثلًا- يلزمُ لصحّتها الوضوء، فإن لم يكن الشخص على وضوءٍ؛ لزم من ذلك عدم صحة صلاته حال تأديته لها من دون وضوء، فالوضوء شرط لصحة الصلاة وهو في نفس الوقت خارجٌ عن ماهيتها،^[١]

وآتيًا ذكرٌ لشروط العُمرة:^[٢]

• الشروط العامّة للعمرة: وهي الشروط التي تعمّ وتشمل الرجال والنساء، وهي:
• الإسلام: يعتبر الإسلام شرط لأداء العبادات كافّة؛ لأنّ غير المسلم غير مخاطبٍ بالعبادات، ولا تصحّ منه أيُّ عبادةٍ.^[٣]
• التكليّف: أي أن يكون الشخص بالغًا عاقلًا؛ فالعقل شرطٌ لصحّة العمرة؛ لأنّ المجنون لا يعدُّ مؤهلًا للعبادة، وأيضًا الصبيّ ليس مخاطبًا لكنّه إن اعتمر فعمرته صحيحةٌ، ويعدّ البلوغ شرطًا للعمرة؛ مصداقًا لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يشِبَّ، وعن المعتوهِ حتَّى يعقِلَ".^[٤][٢]
• الاستطاعة: فالعمرة لا تجب على غير المُستطيع، ويقصدُ بالاستطاعة؛ أن يكون الشخص قادرًا جسديًّا، ولا يعاني من أمراضٍ تمنعه من أداء العمرة، وتشمل الاستطاعة أيضًا الاستطاعة الماليّة بأن يكون قادرًا ماديّاً، ويملك ما يكفيه لذهابه للعمرة وعودته منها، وأن يأمن على نفسه وماله أيضًا من شرور الطريق أثناء ذهابه لأداء العمرة.^[٥]

• الشروط الخاصّة بالنساء: وتتمثّل هذه الشروط بالآتي:^[٦][٧]
• وجود المحرَم معها: فعمرتها لا تصحّ من غير زوجها أو أحد محارمها، والدليل على ذلك قول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ ثَلَاثًا، إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ"،^[٨] أمّا المرأة التي لا محرم لها فلا تجب في حقّها العمرة، وعند الشافعيّة والمالكيّة يصحّ أداؤها للعمرة مع مجموعةٍ من النسوة الثقات، إن كانت تأمن على نفسها معهنَّ.
• ألّا تكون المرأة في فترة العِدّة سواءً من طلاقٍ أو وفاةٍ: لأنَّ المرأة المعتدّة منهيَّةٌ عن خروجها وسفرها؛ وذلك لقول الله تعالى: "لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ"،^[٩] ويمكنها أداء العمرة بعد انتهاء فترة العِدة.

واجبات العُمرة

للعمرة واجبات اتّفق الفقهاء على وجوبها، فإن فُقد أحدٌ منها؛ لزم على المُعتمِر ذبح الهدي، وآتيًا بيان هذه الواجبات:^[١٠]

• الإحرام: فهو ركنٌ عند جمهور الفقهاء إلّا أنّ الحنفيّة اعتبروه شرطًا من شروطها وليس ركنًا،^[١١] ويكون الإحرام من الميقات المكاني وذلك بين مكة والمدينة التي يأتي منها المُعتمر.

• التجرّد من كٌل مخيط للرجال: أمّا بالنسبة للنساء فيشرع لهنَّ لبس أي شيء يكونُ له صفات الحجاب الشرعيّ.

• الحلق أو التقصير: وذلك عند جمهور الفقهاء عدا الشافعيّة الذين اعتبروا الحلق ركنًا من أركان العمرة.

أركان العمرة

للفقهاء أقوالٌ في أركان العمرة، واختلفوا فيها؛ بحيث عدّها بعضهم أركانًا، وعدّها آخرون شروطًا أو واجباتٍ، وآتيًا بيانُ هذه الأركان التي اتفق الفقهاء عليها واختلف فيها آخرون:^[١٢]

• الإحرام: وقد اعتبر المالكيّة والشافعيّة والحنابلة أنّ الإحرام ركنٌ للعمرة بينما يرى الحنفيّة أن الإحرام شرطٌ كما سبق بيانه،^[١٣] ويكون الإحرام من الميقات المكاني الذي حدّده النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وذلك لمن مرّ به أو بمحاذاته.

• الطواف حول الكعبة المشرفة سبعة أشواط كاملة: ويكون ابتداؤها من الحجر الأسود والانتهاء به في كلّ شوطٍ، ويعتبر الطواف ركنًا باتّفاق المذاهب الأربعة؛ فمن اعتمر ولم يطف لم تُقبل عمرته مصداقًا لقوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،^[١٤] ويرى الحنفيّة أن ركن الطواف معظمه لا جميعه، فإن طاف المعتمر أربعة أشواطٍ أجزأ ذلك وعُدّت عمرته مقبولةً، والأتمّ هو سبعة أشواطٍ.

• السعي بين الصفا والمروة: وذلك أن يقوم المعتمر بالسعي سبعة أشواطٍ مبتدًأ بالصفا وينتهي بالمروة، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ السعي بين الصفا والمروة ركنٌ من أركان العمرة، وأنّ من اعتمر ولم يسعَ بينهما؛ فإنّ عمرته غير مقبولةٍ، ويُستثنى من ذلك الحنفيّة الذين اعتبروا السعي واجبًا من واجبات العُمرة وليسَ رُكناً لها، والحنفيّة يفرقون بين الرُكن والواجب من حيث القوّة.

• الحلق أو التقصير: وقد انفرد الشافعيّة دون غيرهم من الفقهاء باعتبار حلق الشعر أو تقصيره ركنًا من أركان العمرة.

مستحبّات العمرة

هناك أمورٌ مستحبَّةٌ في العمرة، فيما يلي بيانها.^[١٠]

مستحبات العُمرة قبل الإحرام

يستحبّ للمعتمر قبل الإحرام ما يلي:^[١٠]

• أن يُقلّم المعتمر أظافره ويحلق شعر عانته.
• الاغتسال.
• أن يتطيّب في بدنه.

مستحبّات العمرة بعد الإحرام

يستحبّ للمعتمر بعد إحرامه بالعمرة ما يلي:^[١٠]

• التلبية ورفع الصوت بها وهذا خاصٌ بالرجال.
• الاشتراط؛ وذلك بأن يقول: اللهم إن حبسني حابسٌ فمحلّي حيث حبستني.
• قول: لبيك اللهم عمرة.

مستحبّات العمرة أثناء الطواف

يستحبّ للمعتمر أثناء طوافه بالكعبة جملةٌ من الأمور، منها:^[١٠]

• أن يُقبِّل الحجر الأسود شريطة ألّا يؤدّي ذلك إلى الازدحام.
• إبراز الكتف الأيمن وهو خاصٌ بالرجال ويسمى الاضطباع.
• الرمل: وهو أن يسرع في المشي في الأشواط الثلاثة الأولى، وهو خاصٌّ بالرجال.
• الإكثار من الذكر والدعاء.
• صلاة ركعتين بعد الطواف.

مستحبّات العمرة في السعي بين الصفا والمروة

يستحبّ للمعتمر أن يقوم بالآتي عند السعي:^[١٠]

• الصعود على الصفا وقول: نبدأ بما بدأ الله به.
• الهرولة بين العلمين الأخضرين.
• الإكثار من الذكر.