عقد النية للعمرة
يجب عقد النية للعمرة والحج لأنها شرطٌ لصحة الإحرام، والإحرامُ ركنٌ من أركان الحج والعمرة عند جمهور الفقهاء، فلا يصبح الحاج أو المعتمرُ مُحرماً ولا يصح إحرامه إذا لم يعقد النية، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى"،[١] والإحرامُ عملٌ من الأعمال الشرعية وعبادةٌ من العبادات كالصلاة والصيام، والنيةُ شرطٌ لصحة العبادة، فلا بد منها.
ومحلُّ النية هو القلب، والأفضل كما قال أكثر العلماء أن يتلفظ المعتمر بنية العمرة فيقول: "نويت العمرة"، أو "أحرمتُ بالعمرة لله -تعالى-"، أو "اللهم إني أريدُ العمرة فيسرها لي وتقبلها مني"، لأن التلفظ بالنية يبعدُ السهو، ولما ورد في الحديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ يصرخُ بهما صراخًا: لبَّيكَ بحجةٍ وعمرةٍ"،[٢] وتستحبُ التلبيةُ بعد النية للمعتمر والحاج عند جمهور الفقهاء.[٣]
كيفية الإحرام بالعمرة
الإحرام بالعمرة هو نية العمرة عند جمهور الفقهاء، وزاد الحنفية مع النية التلبية، فعلى المعتمر أن ينوي العمرة ثم يلبي، وصيغة التلبية هي: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ"،[٤] ومن واجبات الإحرام أن يُحرم المعتمر من الميقات المكاني، وميقات العمرة هو نفسه ميقات الحج، والمواقيت هي الأماكن التي حددها النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين كي يحرموا منها بالحج أو العمرة، كما جاء في الحديث: "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لهنَّ، ولِكُلِّ آتٍ أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِمْ، مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، فمَن كانَ دُونَ ذلكَ، فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأَ، حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ".[٥]
حكم الإحرام قبل الميقات
اتفق أهل العلم على جواز الإحرام للعمرة قبل وصول الميقات، حيث إن المواقيت حدّدت لمنع تجاوزها من غير إحرام، وقد تعددت آراء الفقهاء بين أفضلية الإحرام قبل الميقات أو منه، وبيان أقوالهم كما يلي:[٦]
- الجمهور: قال المالكية، والشافعية، والحنابلة، أنه يكره الإحرام قبل الميقات، وأن الأفضل الإحرام منه.
- الحنفية: قال الحنفية إن الإحرام قبل الميقات أفضل من الإحرام منه، بشرط أن يأمن المعتمر على نفسه مخالفة أحكام الإحرام.
حكم الإحرام بعد مجاوزة الميقات
اتفق أهل العلم على أن من جاوز الميقات من غير إحرام، وهو قاصدُ لنسك العمرة، وجب عليه أن يرجع إلى الميقات ويحرم منه، فإن رجع وأحرم منه فلا شيء عليه، فإن لم يرجع وأحرم بعد مجاوزة الميقات من مكان غيره، أو أقرب منه إلى مكة، فهو آثم؛ لأنه ترك واجباً من واجبات العمرة؛ وهو الإحرام من الميقات المحدد شرعاً، ويعد إحرامه مجزئاً،[٧] ولا يلزمه العودة إلى الميقات حينها، فلا يفيده الرجوع في هذه الحالة، ويترتب عليه الفدية، وهي ذبح شاة، يذبحها في مكة المكرمة، ويوزعها بين فقرائها.[٨]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، حديث صحيح.
- ↑ رواه ابن الملقن، في البدر المنير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:105، حديث صحيح أخرجه الشيخان في صحيحيهما بمعناه.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2177-2182. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1549، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1845، حديث صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 148. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 248-249. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 18. بتصرّف.