ما يُقال عند الركن اليماني
إذا وصل المعتمر أو الحاجّ في طوافه عند الركن اليماني بحيث أصبح بينه وبين الحجر الأسود فيُسنّ أن يقول: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[١] وقد بيّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّ هذا الدعاء مُستحبٌّ بين الركن اليماني والحجر الأسود.[٢]
ويدلّ على ذلك ما جاء عن عبد الله بن السائب -رضي الله عنه-: (أنَّهُ سمعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فيما بينَ رُكْنِ بَني جُمَحٍ والرُّكنِ الأسوَدِ يقولُ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، [وفي روايةٍ]: يقولُ: بينَ الرُّكنِ اليمانيِّ والحجرِ).[٣]
وفي هذا الدعاء يدعو المسلم الله -تعالى- ويطلب منه أن يُعطيه في الدنيا حسنة، أي: العفو والعافية، والحياة الطيبة، والعلم والعمل، والرّضا، والذرية الصالحة، والرّزق الحسن، وغير ذلك من الأمور التي يُحبّها المسلم في دنياه من الخيرات، ويدعو الله أيضاً أن يُعطيه في الآخرة حسنة، فلا يكتفي دعاؤه بالخير في دنياه.[٤]
ومعنى في الآخرة حسنة: أي المغفرة والرِّفعة في الجنّة، ومرافقة الصالحين والأنبياء، ولذّة النّظر إلى الله -عز وجل-، ثمّ يسأل المسلم خالقه أن يقيه ويحفظه من عذاب جهنّم الذي يتضمّن حرّها الشديد، وشدّة بردها، وعطشها، وجوعها، وريحها السيّئة، وضيقها، وظلمتها، فيطلب من الله -سبحانه- أن يُبعده عن ذلك كلّه.[٤]
التعريف بالركن اليماني
الركن اليماني هو الركن الذي يسبق ركن الحجر الأسود في الطواف، ويُشرع استلامه دون تقبيل، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (أنَّ نَبِيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا طافَ بالَبيتِ مَسَح -أو قالَ: استَلَم- الحَجَر والرُّكنَ في كلِّ طَوافٍ)،[٥] وإن لم يستطع المسلم أن يستلمه فلا يُشير إليه بيده كما يُشير للحجر الأسود، لأنّه لم يثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه كان يُشير للركن اليماني أو يُقبّله.[٦]
وقد سُمّي الركن اليماني بهذا الاسم لأنّه في ناحية اليمن، ويُطلق عليه أيضاً اسم الركن الجنوبي الغربي، وإذا أُطلِق لفظ الرُّكنين فيُراد بهما: ركن الحجر الأسود والركن اليماني، أما إذا أُطلق لفظ الركن فيُراد به ركن الحجر الأسود فقط، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يُشرع للمسلم أن يستلم الرّكن اليماني في حال المزاحمة والمدافعة والمشقّة، بل يمضي في طوافه حينها دون أن يُشير إليه.[٧]
فضل الركن اليماني
الركن اليماني والركن الأسود هما الركنان الباقيان على بناء النبي إبراهيم -عليه السلام-، ولذلك كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يخصّهما بالاستلام، وقد جاء في فضل الركن اليماني العديد من الفضائل في الأحاديث النبوية، ونذكر شيئاً من ذلك فيما يأتي:[٨]
- استلامه سُنّة
إنّ استلام الركن اليماني لمن استطاع سُنَّةٌ مُستحبة ينال بها صاحبها أجر وثواب الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (لَمْ أَرَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنَ البَيْتِ إلَّا الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ).[٩]
- استلامه سببٌ لحطّ الذنوب
كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- يحرص كثيراً على استلام الركن اليماني، لأنّه سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُبيّن أنّ استلامه واستلام الحجر الأسود سببٌ لمغفرة الذنوب بإذن الله، إذْ عندما سأله عبيد بن عمير -رضي الله عنه- عن سبب حرصه على استلام هذين الرّكنين قال: (إنْ أفعَلْ؛ فإنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: إنَّ مَسْحَهُما كَفَّارةٌ للخَطايا. وسَمِعتُه يَقولُ: لا يَضَعُ قَدَمًا ولا يَرفَعُ أُخرى إلَّا حَطَّ اللهُ عنه بها خَطيئَةً، وكَتَب له بها حَسَنةً).[١٠]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:201
- ↑ سعيد القحطاني، حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة، صفحة 135. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن عبد الله بن السائب، الصفحة أو الرقم:374، أخرجه في صحيحه.
- ^ أ ب مجدي الأحمد، شرح حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة، صفحة 319-320. بتصرّف.
- ↑ رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1697، صحيح الإسناد.
- ↑ حمد الحمد، فقه الصيام والحج من دليل الطالب، صفحة 8، جزء 17. بتصرّف.
- ↑ "حكم الإشارة والتمسح بالركن اليماني"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 28/5/2023. بتصرّف.
- ↑ "فضل الركن اليماني"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 28/5/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1609، صحيح.
- ↑ رواه المستدرك على الصحيحين، في الحاكم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1822، صحيح.