سنّة ترتيب أعمال يوم النحر
يوم النّحر هو اليوم العاشر من ذي الحجّة، وأعماله هي: الرمي، والنحر، والحلق، وطواف الإفاضة،[١] ويُسنّ للحاج أن يفعلها بالترتيب، فيرمي جمرة العقبة، ثمّ يذبح الهدي، ثمّ يتحلّل التحلّل الأول بالتقصير أو الحلق، والحلق أفضل للرجل، ثمّ يطوف طواف الإفاضة ويسعى، باستثناء المفرد أو القارن إذا سعى بعد طواف القدوم، ويُسنّ ترتيب هذه الأعمال اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.[٢]
وإن لم يفعلها الحاجّ بالترتيب كأن يطوف قبل أن يرمي، ويتحلّل بالحلق قبل أن يذبح، ونحو ذلك فلا شيء عليه، ويدلّ على جواز عدم فعلها بالترتيب ما ثبت عن ابن عمرو -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَفَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقالَ رَجُلٌ: لَمْ أشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ، قالَ: اذْبَحْ ولَا حَرَجَ، فَجَاءَ آخَرُ فَقالَ: لَمْ أشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ، قالَ: ارْمِ ولَا حَرَجَ، فَما سُئِلَ يَومَئذٍ عن شيءٍ قُدِّمَ ولَا أُخِّرَ إلَّا قالَ: افْعَلْ ولَا حَرَجَ).[٣][٢]
أعمال يوم النحر بالتفصيل
ذكرنا سابقاً أعمال الحاجّ يوم النحر على سبيل الإجمال وسنّة الترتيب بينها، ونذكر هذه الأعمال بشيءٍ من التفصيل فيما يأتي:
رمي الجمرات
تكثر في اليوم العاشر من ذي الحجّة الأعمال تقرُّباً إلى الله -سبحانه-، ففي هذا اليوم ينهي الحجّاج معظم أعمال الحج، فإن وصل في فجر هذا اليوم لمزدلفة وقف عند المشعر الحرام إلى الإسفار، ثمّ يأتي لمنى قبل طلوع الشمس حتى يرمي جمرة العقبة، ويكون وقت رميها من طلوع الشمس في يوم النحر إلى زوالها[٤] -أي ميلها عن منتصف السماء قبل الظهر بنصف ساعةٍ تقريباً-.[٥]
ويدلّ على ذلك قول الله -تبارك وتعالى-: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ* ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)،[٦] فيرمي سبعة أحجارٍ من الحصى، ويُسنّ أن يُكبّر مع كلّ حصى يرميها.[٧]
نحر الهدي والتحلل الأول
يُسنّ للحاجّ بعد أن يرمي جمرة العقبة أن يذبح الهدي، ثمّ بعد ذلك يتحلّل التحلّل الأول بالحلق أو التقصير، والحلق أفضل للرجال لقول الله -تعالى-: (... مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ...)،[٨] فقدَّم الحلق على التقصير، ويُباح له في هذا التحلّل كلّ شيءٍ حُرِّم عليه بالإحرام عدا النساء، ثمّ يتوجّه إلى بيت الله الحرام ليطوف طواف الإفاضة.[٩]
طواف الإفاضة والتحلل الثاني
طواف الإفاضة هو ركنٌ من أركان الحجّ، فلا يتمّ الحجّ إلا به، ولا خلاف بين العلماء في ذلك، ويدلّ على ذلك قول الله -تعالى- بصيغة الأمر: (... وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[١٠] ويُسمّى بطواف الرُّكن، وطواف الصبّ، وأفضل أوقاته عند أكثر أهل العلم أن يكون في وقت الضحى الذي طاف به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[١١]
والأفضل أيضاً أن يكون بعد الرمي والنّحر والتحلّل الأول، وصفته كصفة طواف القدوم، ويتبعه الحاجّ المتمتّع بالسعي، أمّا الحاجّ المفرد والقارن فإن سعى كلّ منهما بعد طواف القدوم فيكفيهما ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة،[١١] ثمّ بعد ذلك يتحلّل الحاجّ التحلّل الثاني، ويحلّ له كلّ شيء حتى النساء.[١٢]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 323، جزء 72. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 335، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1736، صحيح.
- ↑ عبد الكريم بن صنيتان العمري، تسهيل المناسك، صفحة 83. بتصرّف.
- ↑ "تعريف ومعنى زوال الشمس في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 22/3/2023. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:198-199
- ↑ "سُنَنُ الرَّمْيِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/3/2023. بتصرّف.
- ↑ سورة الفتح، آية:27
- ↑ عبد الكريم العمري، تسهيل المناسك، صفحة 83. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية:29
- ^ أ ب أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 1-5. بتصرّف.
- ↑ عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 57، جزء 228. بتصرّف.