ما حكم العمرة عن ميت؟

ما حكم العمرة عن الميت؟

ذهب عامة الفقهاء في الجملة إلى أنه يجوز أداء العمرة عن الميت، تطوعاً كانت أو فرضاً عند من يقول بوجوبها؛ لأنها عبادة بدنية مالية تجوز فيها النياية كعبادة الحج،^[١][٢] ومما يدلّ على مشروعية الإنابة في العمرة عن الميت الأحاديث النبوية الصحيحة التي وردت في مشروعية الإنابة في الحج، ومنها:

• ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث الصحابي الجليل بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه-: (بيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقالَتْ: إنِّي تَصَدَّقْتُ علَى أُمِّي بجَارِيَةٍ، وإنَّهَا مَاتَتْ، قالَ: فَقالَ: وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ المِيرَاثُ، قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه كانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قالَ: صُومِي عَنْهَا، قالَتْ: إنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قالَ: حُجِّي عَنْهَا).^[٣]
• ما جاء في صحيح أبي داوود: (عن أبي رزينٍ رجلٌ من بني عامرٍ أنَّهُ قالَ: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لاَ يستطيعُ الحجَّ ولاَ العمرةَ ولاَ الظَّعن. قالَ: احجج عن أبيكَ واعتمر).^[٤]

وجوب الاعتمار عن النفس أولاً

يشترط لصحة الاعتمار عن الميت أن يكون النائب قد اعتمر عن نفسه أولاً، سواء كان قد اعتمر مرة واحدة، أو أكثر من مرة، وأما إذا لم يكن قد اعتمر عن نفسه وأراد أن يعتمر عن الميت، فيجوز له أن يعتمر عن نفسه أولاً ثم عن الميت في نفس السفر.^[٥]

جواز أخذ الأجرة لأداء العمرة عن الميت

يجوز لمن يريد الاعتمار عن الميت أن يأخذ من تركة الميت، إذا كانت تركته تتسع أداء العمرة منها، فيأخذ ما يكفيه من المال لقضاء حاجاته الأساسية والضرورية في السفر؛ حيث ذهب بعض أهل العلم إلى القول أن العمرة واجبة على المسلم حال حياته وكان قادراً على أدائها، فإن توفي دون أن يؤديها مع قدرته، تؤخذ من تركته بعد مماته.^[٦]

وصول ثواب العمرة للميت

إن العمرة من أجلّ الأعمال الصالحة وأفضل القربات التي يقوم بها العبد المسلم، فإن فضلها كبير وأجرها عظيم، وينتفع بها الميت كثيراً ويصل ثوابها إليه إن شاء الله؛ إن اعتُبرت مقبولة؛ وذلك بتوفر شرطي القبول؛ وهما الإخلاص والموافقة للشرع، وإن أُديت على الوجه الصحيح.^[٧]

وكذلك النائب الذي يؤدي العمرة عن الميت، له مثل الأجر الذي يصل للميت؛ لأدائه هذه العبادة العظيمة، ولإحسانه لأخيه المسلم، فهي كالدعاء وطلب الرحمة والمغفرة، حيث يدعو المسلم للميت، يؤجر هو وينتفع الميت بالدعاء، وكذلك الصدقة، يتصدق عن أخيه يؤجر هو والميت، فجميعها ينتفع بها الميت ويصل ثوابها إليه -بإذن الله-، فالعمرة عن الميت من الأمور الحسنة المشروعة؛ حيث يترتب الأجر والثواب لكِلا الطرفين؛ الميت والنائب؛ فكلاهما مأجور.^[٨]