ما هي جمرة العقبة؟

هي ثاني واجب من واجبات الحج التي اتفق العلماء عليها؛[١] وفيما يأتي بيان المقصود بها:[٢]

  • لغة

الجمرة فتعني الحصاة الصغيرة، وجمعها جمار وجمرات، وسمّيت جماراً لتجمّع الحجاج لرميها في أيام التشريق.


  • اصطلاحاً

دفع الحصاة الصغيرة إلى المرمى المخصص لذلك؛ بحيث تدخل في حوض أو صحن المرمى.


  • شرعاً

هي شعيرة من شعائر الحج؛ وهي الجمرة الأولى والكبرى التي يرمي فيها الحاجّ سبع حصيات في المرمى المخصص للرمي؛ وسميّت بالعقبة لوجود عقبة عندها في القديم -أيّ الطريق الوعر-، وقد أزيلت في زماننا هذا.[٣]


عدد الجمرات

يبلغ عدد الجمرات التي يرميها الحاجّ ثلاث جمرات، وهذه الجمرات هي:[٤]

  • الصغرى؛ وتُسمّى الدنيا لأنّها أقرب الجمرات إلى منى بالقرب من مسجد الخيف.
  • الوسطى؛ وهي الجمرة التي تقع ما بين الجمرتين الكبرى والصغرى.
  • جمرة العقبة؛ وتُسمّى الكبرى، وتقع في آخر منى تجاه مكة المكرمة.


وقت رمي الجمرات

يبدأ وقت رمي الجمرات من زوال شمس أيام التشريق، ورأى الحنفية جواز الرمي بعد الزوال عند شدّة الزحام، وللعلماء في تأخير رمي كل جمرة في يومها عدّة أقوال؛ أبيّنها على النحو الآتي:[٥]

  • ذهب الحنفية والمالكية إلى وجوب رمي كل جمرة في يومها ووقتها المحدد، ومن لم يلتزم بذلك عليه دم.
  • ذهب الشافعية والحنابلة في أحد أقوالهم إلى أنّ الأفضل هو رمي كل جمرة في وقتها ويومها المحدد؛ ولكن من أخرها إلى آخر الوقت وهو غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق -على الأصح- جاز ذلك، ولا يجب على من يفعلها الدم.


شروط صحة رمي الجمرات

اشترط العلماء عدداً من الشروط الواجب توفرها في رمي الجمار حتى تكون صحيحة، ويكون الحاجّ قد أدى هذه الشعيرة على النحو المطلوب، ومن هذه الشروط:[٦]

  • الرمي بسبع حصيات في كل جمرة (الصغرى، الوسطى، الكبرى).
  • أن يرمي كل حصاة على انفراد؛ ولا يصح أن ترمى السبع حصيات كلها مرة واحدة.
  • أن يرمي الحاجّ بما يصح به الرمي والحذف؛ إذ لا يجوز الرميّ بالحديد والأحذية، ونحو ذلك، وأجاز الحنفيّة من بين الفقهاء الرمي بكل ما هو من جنس الأرض كالطين والحجر.
  • أن يقصد الحاجّ المرمى عند الرمي.
  • الترتيب بين الجمرات الثلاث عند الجمهور، أمّا عند الحنفية فلا يُشترط ذلك لأنّ الترتيب عندهم سنّة.


بعض التنبيهات عند رمي الجمرات

يقع بعض الحجّاج بعدد من المخالفات عند رمي الجمرات الثلاث، لذا وجب التنبيه عليها تفادياً لها، وتخفيفاً من المشقة الحاصلة بها، ومن ذلك:[٧]

  • لا يُشترط الغسل قبل رمي الجمرات.
  • لا يجب على الحاجّ غسل الجمرات قبل رميها.
  • لا يُشترط بالجمرات أن تكون من مزدلفة فقط.
  • يُسنّ التكبير عند رمي كل جمرة كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
  • لا يُشترط أن تصيب الحصاة أو الجمرة العامود الموجود وسط المرمى؛ إنّما جُعل كعلامة فقط.[٨]
  • التزاحم والتدافع، وإلحاق الضرر بالآخرين، ومجانبة الرفق والتلطف في التعامل؛ فكل ذلك لا يصحّ في مكان مقدس كهذا، وفي عبادة جليلة كهذه.[٨]


الحكمة من رمي الجمرات

ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ الحكمة من رمي الجمرات قد تكون لتذكر المسلم بالعداء التامّ للشيطان؛ والذي أمرنا الله -تعالى- باتخاذه عدواً بقوله -سبحانه-: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)،[٩] فهذا الركن هو من باب إيقاظ الأمة الإسلامية، وتحذيرهم من عدوهم القديم والأكبر؛ الذي وعد بإغواهم وإبعادهم عن طريق الهداية.[١٠]


وتجدر الإشارة إلى أنّ فريقاً آخر من أهل العلم رأى أنّ الحكمة من هذه الشعيرة العظيمة هو الطاعة لله -تعالى-، وحسن الاتباع لرسوله الكريم؛ وكلّ عبادة لها حكمة خاصة بها سواء علمناها أم جهلناها؛ المهم هو الطاعة والتطبيق، قال -تعالى-: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)،[١١] وقال -تعالى-: (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).[١٢][١٣]

المراجع

  1. أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 18، جزء 26. بتصرّف.
  2. [سعيد بن وهف القحطاني]، الجمرات في ضوء الكتاب والسنة وآثار الصحابة رضي الله عنهم، صفحة 5. بتصرّف.
  3. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 69، جزء 4. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 258، جزء 2. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الدرر البهية من الفتاوى الكويتية، صفحة 142، جزء 4. بتصرّف.
  6. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 73، جزء 4. بتصرّف.
  7. [مجموعة من المؤلفين]، البدع والمخالفات في الحج، صفحة 54. بتصرّف.
  8. ^ أ ب [عبد الله بن محمد البصيري]، الحج والعمرة والزيارة، صفحة 133. بتصرّف.
  9. سورة فاطر، آية:6
  10. راغب السرجاني، دروس الدكتور راغب السرجاني، صفحة 9، جزء 10. بتصرّف.
  11. سورة الأعراف، آية:3
  12. سورة الحشر، آية:7
  13. ابن باز، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، صفحة 381، جزء 17. بتصرّف.