• الحجّ ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهو فريضة فرضها الله تعالى على عباده المسلمين، حسب استطاعتهم، والحجُّ كسائر العبادات، فيه أركان وواجبات وسُنن، عبّر الشارع عنها بالمناسك والشّعائر، أما لفظ الشَّعائر في اللّغة له معانٍ كثيرة، ولكنَّ المعنى المراد من شعائر الحجّ، هو المناسِك والمعالِم.[١]
  • والشّعائر عند الفقهاء هي المعالِم التي تختصُ بأعمال وعبادات في فريضة الحج، كالسَّعي بين الصَّفا والمروة، فالصَّفا والمروة معلَمٌ مكانيّ، والسّعي فيهما عبادةٌ تختص بذلك المعلَم، فهذه العبادةُ المختصةُ في ذلك المكان تُسمى شعيرةً من شعائر الحجّ، والفقهاءُ يُطلقون لفظَ الشّعائر ويريدون به معانٍ مختلِفة، فيدلُّ اللفظُ تارةً على أركان الحج، أو واجباته، أو سننه، أو قد يكون المقصودُ بالشّعائر جميعُ المناسِك التي يقوم بها الحاجّ في نسكه.

وفي هذا المقال سنذكر شعائر الحجّ، وبيانها من الأركان والواجبات والشّروط، وترتيب أدائها.

ما هي شعائر الحج؟

تبيّن أنَّ المقصود من شعائر الحجّ، هي العبادات والأعمال التي تُقام في فريضة الحجّ، وتختص بأماكن محددة، لكل مكان نُسك، وهذه الشّعائر هي:


الإحرام

ويعني الدّخول بالنّية في حرمة الحجّ من المواقيت المكانية له، ووقت الإحرام للحج يبتدأ من بداية شوّال حتى قرب فجر يوم النّحر، والأفضل لأهل مكّة الإحرام من أول شهر ذي الحِجّة،[٢] والإحرام ركن من أركان الحجّ عند جمهور الفقهاء، وهو شرط من شروط صحة الحج عند الحنفية،[٣] ومن ترك الإحرام ولم يأتِ به فقد بطُل حجّه.[٤]


طواف القدوم

طواف القدوم شُرع للقادم إلى مكّة تكريماً للبيت وتحيةً له، ويسمى طواف الورود وطواف التحية، يستحب البدء به دون تأخير، وهو سُنّة عند جمهور الفقهاء، أما عند المالكيّة فهو واجب.[٥]


السّعي

والسّعي سبعة أشواط، يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة فهذا شوط، ولا يجزئ السعي بأقل من سبعة أشواط، وهو ركن من أركان الحجّ عند جمهور الفقهاء إلا عند الحنفيّة فهو عندهم واجب وليس بركن.[٦]


المبيت بمنى ليلة يوم عرفة

يستحبّ للحاج المبيت في منى ليلة الثامن من ذي الحجّة، وهو سُنّة باتفاق الفقهاء.[٧]


الوقوف بعرفة

والوقوف بعرفة ركن باتّفاق الفقهاء، أقلّه المكث لحظة من بعد زوال شمس يوم عرفة، (المقصود بالزوال هو أن تكون الشمس في كبد السماء، أي وقت الظهر) إلى الفجر،[٨][٩] ويجزئ المكوث في أي جزء من عرفة، لقول النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ).[١٠]


المبيت بمزدلفة

تقع مزدلفة بين مأزمى عرفة؛ وهو مضيق بين جبلين، وبين وادي محسر، يجوز للحاج أن يبيت في أي مكان في مزدلفة، ويبدأ وقت المبيت بعد غروب شمس يوم عرفة إلى طلوع الشمس،[١١] وقال جمهور العلماء أنَّ المبيت بمزدلفة ليلة النحر واجب، يجبر تركه بدم، أي ذبح شاة.[١٢]


رمي الجمار

والقصد به هو رمي الحصى في زمن مخصوص، ومكان مخصوص، وعدد مخصوص، فالمطلوب الرمي، فلو وضع الجمار وضعاً لم يجزئه، وعدد الجمرات ثلاثة: الصغرى، والوسطى، وجمرة العقبة،[١٣] وهو واجب من واجبات الحج باتّفاق الفقهاء،[١٤] وأيام الرمي هو يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة.


ذبح الهدي

حيث يقوم الحاج في يوم النحر بالذبح، وهو واجب في حق الحاج المتمتع والقارن، أما الحاج المفرد فهو سنة في حقه.


الحلق أو التقصير

والمقصود إزالة شعر الرّأس في وقته، ولا آخِرَ لوقت الحلق أو التقصير، فلا يجبر بدم، بل لا بدّ من قيام النسك، وهو واجب من واجبات الحج عند جمهور الفقهاء، وركن عند الشافعية؛ لقوله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ)،[١٥] والتفث هو حلق الشعر ولبس الثياب وما يتبع ذلك.[١٦]


طواف الزّيارة

سُمّي بطواف الزّيارة؛ لأنَّ الحاج يأتي من منى فيزور البيت دون أن يقيم بمكة، حيث إنه يرجع ليبيت بمنى، وعدد أشواط الطواف سبعة،[١٧] وطواف الزيارة ركن من أركان الحج باتّفاق الفقهاء، وأفضل وقت لأدائه يوم النّحر بعد الرمي والحلق.[١٨]


المبيت بمنى أيام التشريق

وحدّ منى ما بين وادي محّسِّر وجمرة العقبة، والمبيت في منى أيام التشريق واجب من واجبات الحج عند جمهور الفقهاء، إلا عند الحنفيّة فهو سُنّة عندهم، وأيام التشريق ثلاثة؛ الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، من شهر ذي الحجة،[١٩] وهي الأيام التي تلي يوم النحر.


طواف الوداع

وطواف الوداع يكون على من يسكن خارج مكّة، وهو واجب من واجبات الحج عند جمهور الفقهاء عدا المالكيّة، فقالوا أنّه سُنّة وذلك للحديث: (أُمِرَ النَّاسُ أنْ يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبَيْتِ، إلَّا أنَّه خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ)،[٢٠][٢١] حيث إنه لو كان واجباً لم يجز للحائض تركه.


ولا بُدَّ من بيان أمرين اثنين، وهما:

  • معنى الركن والواجب والسنة، وأثر ترك أحد هذه الشّعائر على الحج.
  • الرّكن: هو ما يتوقف عليه وجود الشّيء وكان داخلاً في ماهيته،[٢٢] أيّ أنّه يتوقف على صحّة الحج كمالُ القيام بالأركان كلّها، على الوجه المطلوب، ومن ترك ركناً من أركان الحج لا يتمّ حجه إلا به، فإمَّا أن يأتي به إن تمكّن منه بعد فواته كالسّعي، وإن لم يتمكّن من الإتيان به كمن فاته الوقوف بعرفة، فقد فاته الحجّ في تلك السَّنة.[٤]
  • الواجب: هو ما يُطلَب فعله، ويُحرم تركه، ومن ترك واجباً في الحج فعليه دم، أي يجب عليه أن يذبح، ويكون حجّه صحيحاً.
  • السُّنة: هو ما يُطلب فعلها، فيثاب فاعلها ولا يُطالَب تاركها بدم أو إعادة إتيان.
  • التحلل من إحرام الحجّ نوعان؛ التحلّل الأول؛ ويكون بفعل اثنين من ثلاثة أعمال تم ذكرها سابقاً، وهي: الحلق أو التقصير، وطواف الزيارة، ورمي جمرة العقبة، والتحلّل الثاني؛ يكون بفعل العمل الثالث، فيحلّ له كل شيء كان عليه محرّماً حتى الجماع.[٢٣][٢٤]


المراجع

  1. محمد حسن جبل، المعجم الاشتقاقي المؤصل، صفحة 1146. بتصرّف.
  2. محمد أحمد عليش، منح الجليل شرح مختصر خليل، صفحة 223. بتصرّف.
  3. أبحاث هيئة كبار العلماء، مجلة البحوث الإسلامية، مجلة البيان، وآخرون، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 129. بتصرّف.
  4. ^ أ ب أبحاث هيئة كبار العلماء، مجلة البحوث الإسلامية، مجلة البيان، وآخرون، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 111. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 121-122. بتصرّف.
  6. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 594. بتصرّف.
  7. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2265. بتصرّف.
  8. ابن حجر الهيتمي، المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية، صفحة 286. بتصرّف.
  9. كوكب عبيد، فقه العبادات على المذهب المالكي، صفحة 283-284. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
  11. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 67. بتصرّف.
  12. محمد نعيم ساعي، موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي، صفحة 385. بتصرّف.
  13. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2252.
  14. أبحاث هيئة كبار العلماء، مجلة البحوث الإسلاميّة، مجاة البيان، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 277. بتصرّف.
  15. سورة الحج، آية:29
  16. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2267. بتصرّف.
  17. أبحاث هيئة كبار العلماء، مجلة البحوث الإسلاميّة، مجلة البيان، وآخرون، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 51. بتصرّف.
  18. أبحاث هيئة كبار العلماء، مجلة البحوث الإسلامية، مجلة البيان، وآخرون، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 345. بتصرّف.
  19. سعيد حوّى، الأساس في السنة وفقهها، صفحة 3107. بتصرّف.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1755، صحيح.
  21. عبدالله الطّيار، الفقه الميسّر، صفحة 88. بتصرّف.
  22. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 70. بتصرّف.
  23. "الفصل الخامس: التحلُّل الأوَّل"، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.
  24. أبحاث هيئة كبار العلماء، مجلة البحوث الإسلامية، مجاة البيان، وآخرون، الموسوعة الفقهيّة الكويتية، صفحة 62. بتصرّف.