ذو الحليفة ميقاتٌ لأهل المدينة
بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الذي حدد فيه المواقيت المكانية التي يجب الإحرام منها لكل من قصد بيت الله الحرام للحج أو العمرة أن ميقات ذا الحليفة هو ميقات لأهل المدينة المنورة يحرمون منه، كما أنه ميقاتٌ لكل من مرّ بالمدينة المنورة، وأتى من طريقهم من غير أهلها، قال عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-: (وَقَّتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ لِمَن كانَ يُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ، فمَن كانَ دُونَهُنَّ، فَمُهَلُّهُ مِن أهْلِهِ، وكَذاكَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْها).[١][٢]
موقع ميقات ذي الحليفة
يعد ميقات ذو الحليفة أبعد المواقيت المكانية من مكة المكرمة؛ إذ إنه يقع بالقرب من المدينة المنورة على أول طريقها إلى مكة المكرمة من ناحية الجنوب، ويبعد عن مكة المكرمة ما يقارب مائتا ميل؛ أي 420 كيلو متر تقريباً، حيث يحتاج للوصول منه إلى مكة المكرمة سفر عشرة أيام بسير الإبل.[٣][٤]
تسمية ميقات ذي الحليفة بهذا الاسم
ميقات ذو الحليفة هو عبارة عن قرية صغيرة، وهو موضع ماء لمياه بني جشم، وقد سمّي بذلك بسبب كثرة الشجر فيه، وهو شجر معروف اسمه شجر الحلفاء، وكلمة الحُليفة هو تصغير لكلمة الحلفاء، ويُعرف الآن في الوقت الحاضر باسم آبار علي؛ لبئرٍ موجود فيه اسمه بئر علي؛ منسوب للصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ويُعرف أيضاً عند البعض باسم الحسا.[٥][٦]
ذو الحليفة هو الميقات الذي أحرم منه النبي
أحرم النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما حج حجة الوداع من ميقات ذي الحليفة، وقد صلّى -عليه الصلاة والسلام- فيه صلاة الظهر ثم أحرم، ومنه ذهب أهل العلم إلى استحباب أداء صلاة فريضة ثم الإحرام بالحج أو العمرة إن كان وقت فريضة، وإذا لم يكن صلّى المسلم ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء أو تحية المسجد ثم يحرم.[٧][٨]
ما هو ميقات أهل مكة المكرمة؟
يختلف ميقات أهل مكة عن أهل المدينة، فأهل المكرمة الذين يقيمون فيها سواء كان مكيّاً أو غير ذلك، يحرمون بالحج من الحرم؛ من مكة نفسها، للحديث الصحيح الذي ذكر سابقاً: (فمَن كانَ دُونَهُنَّ، فَمُهَلُّهُ مِن أهْلِهِ، وكَذاكَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْها)،[١] وأما العمرة فيحرمون بها من أدنى الحلّ؛ وهي المناطق التي تكون خارج حدود الحرم؛ كالجعرانة، والتنعيم، وعرفات ونحوهم.[٩]
قال ابن قدامة -رحمه الله-: "أهل مكة من كان بها، سواء كان مقيماً بها، أو غير مقيم؛ لأن كل من أتى على ميقات كان ميقاتاً له، فكذلك كل من كان بمكة فهي ميقاته للحج، وإن أراد العمرة فمن الحلِّ، لا نعلم في هذا خلافاً".[١٠]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1526، حديث صحيح.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 172. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 24. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 579. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 11. بتصرّف.
- ↑ "المبحثُ الأوَّلُ: ميقاتُ الآفاقيِّ وأحكامُه"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 30/11/2022. بتصرّف.
- ↑ "استحباب الصلاة في مسجد ذي الحليفة قبل الإحرام"، الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 30/11/2022. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتة، صفحة 290. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2126. بتصرّف.
- ↑ سعيد القحطاني، مناسك الحج والعمرة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 183. بتصرّف.