بعض أحكام لباس النساء في العمرة

حكم لبس الجوارب

أجازت الشريعة الإسلامية للمرأة المُحرمة لبس الجوارب، سواء أكان إحرام المرأة لأداء مناسك العمرة أو الحجّ؛ وذلك لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينهَ المرأة عن ذلك، بالإضافة إلى أنّ الله -سبحانه- شرع للمرأة لبس المخيط في الإحرام باستثناء النقاب والقفازين، وما سواهما جاز للمرأة ارتداؤه؛ فتلبس ما شاءت من الثياب؛ على أن لا يكون لباس تبرج، أو زينة في ذاته، أو مطيّباً.[١]


ومما يدل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (... ولَا تَلْبَسُوا شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، ولَا الوَرْسُ، ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)؛[٢] ويُقصد بالنقاب: غطاء الوجه المثقوب من جهة العينين، وهو لباس معروف للمرأة المسلمة منذ عصر الإسلام الأول، زمن الصحابيّات، أمّا بالنسبة للقفازين؛ فيُقصد بهما: ما يُلبسان في اليدين، ويُسميّان أيضاً بشراب اليدين أو الكفوف.[١]


حكم تغطية الوجه

ينبغي التنبيه إلى أنّ بعض أهل العلم أجازوا للمرأة أن تُسدل على وجهها ما يستره إذا كثر الزحام؛ بأن تلقيه إلقاءً من غير ربط أو شدّ على الوجه والرأس؛ واستدلوا على ذلك بقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كان الرُّكبانُ يَمُرُّون بنا ونحن مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مُحْرِماتٌ؛ فإذا حاذُوا بنا أَسدَلَتْ إحدانا جِلْبابَها من رأسِها على وجهِها).[٣][٤]


الحكمة من النهي عن لبس النقاب والقفازين

اجتهد بعض أهل العلم في معرفة الحكمة التي لأجلها نهى الله -سبحانه- المرأة المُحرمة عن ارتداء النقاب والقفازين، وجعلها من محظورات الإحرام للنساء؛ وقد توصلوا إلى ما يأتي:[٥]

  • تعوّيد النفس على الاستسلام لأوامر الله -سبحانه- ونواهيه؛ بحيث يكون مقصود الشارع تمام العبوديّة لله -تعالى-؛ سواء عُرفت الحكمة، أم لم تُعرف، قال -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا).[٦]
  • إخراج النفس عمّا اعتادت عليه للإقبال على الحجّ والعمرة؛ مما يُعين على التجرد والإخلاص، ويحثّ على الخروج عمّا اعتادته النفس من المعاصي والآثام.
  • تشبيهاً بيوم القيامة؛ وذلك لأنّ الناس يوم القيامة يأتون عراة لا يُبالون ببعضهم، ولا يلتفتون أو ينظرون لحال غيرهم، وكلّ ما يهمهم هو أنفسهم.
  • مساواةً وتقريباً للأمور التي نُهي عنها الرجل؛ فكما نهى الله -سبحانه- الرجل عن تغطية رأسه في الإحرام، نُهيت المرأة عن تغطية وجهها وشدّ نقابها على رأسها؛ فكان ذلك مناسباً لحالها.
  • قيل إنّ وجه المرأة يُقابل بدن الرجل؛ فيكون إحرامها بوجهها كما يُحرم الرجل ببدنه؛ ويكون تفصيل النقاب للوجه كتفصيل المخيط لبدن الرجل.[٧]
  • إنّ محظورات الإحرام هذه بالنسبة للمرأة مناسبة لها لكونها عورة؛ لا يصحّ أن يظهر من بدنها شيء، أو تتجرد من بعض الملابس فتنكشف عورتها؛ فكان الإحرام بإظهار وجهها وكفّيها مناسباً لها.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب عبد الله بن محمد البصيري، الحج والعمرة والزيارة، صفحة 178-179. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1838 ، صحيح.
  3. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1833، صححه الألباني.
  4. حسين العوايشة، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، صفحة 316، جزء 4. بتصرّف.
  5. "إحرام المرأة في وجهها الحكم والحكمة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 14/3/2023. بتصرّف.
  6. سورة الأحزاب، آية:36
  7. العظيم آبادي، شرف الحق، عون المعبود وحاشية ابن القيم، صفحة 198، جزء 5. بتصرّف.
  8. ابن باز، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، صفحة 132، جزء 16. بتصرّف.