شرع الله -سبحانه وتعالى- الإحرام تمثيلًا لنيَّة الدخول في نسك الحجّ أو العمرة، وقد جعل الله -تعالى- له شروطًا وأحكامًا لا بدّ من التزامها؛ ليكون الإحرام بالنسك صحيحًا، كما حدّد -سبحانه وتعالى- جملةً من الأمور التي لا يُباح للمحرم بالحجّ أو العمرة بعد إحرامه أن يفعلها، وتسمّى: محظورات الإحرام، ومن هذه المحظورات ما هو خاصٌّ بالنساء، ومنها ما هو خاصٌّ بالرجال، ومنها ما هو محظورٌ عليهما معًا،[١] وفيما يأتي حديثٌ عن محظورات الإحرام للنساء؛ ما كان خاصًّا بهنّ، وما يشتركن فيه مع الرجال.
محظورات الإحرام للنساء
محظورات الإحرام الخاصّة بالنساء
يُحظر على المرأة المحرمة بعد إحرامها أن تغطي وجهها وكفّيها؛ فلا يحلّ لها لبس النقاب أو القفّازين، ودليل ذلك ما أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)،[٢][٣] ومن العلماء من قال بجواز أن تسدل المرأة المحرمة شيئًا على وجهها للحاجة؛ كاتقاء شدّة الحر أو البرد، أو لخوفٍ من الفتنة، أمّا لباسها في الإحرام؛ فلها أن تلبس ما شاءت من اللباس الساتر الذي توافرت فيه شروط الحجاب الشرعيّ، ولا يُحظر عليها كما يحظر على الرجال، لبس المخيط من الثياب؛ بل يجوز للنساء في الإحرام لبس المخيط من الثياب.[٤]
محظورات الإحرام المشتركة بين النساء والرجال
حدّد الله -تعالى- جملةً من الأمور المحظورة على النساء والرجال على السواء، والتي يحرم عليهم فعله بعد الدخول في الإحرام، وفيما يأتي ذكرٌ لهذه الأمور:[٣]
- وضع العطر أو الطيب على البدن أو اللباس بعد الإحرام؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ولَا تَلْبَسُوا شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، ولَا الوَرْسُ)،[٢] والزعفران نباتٌ ذو رائحةٍ طيِّبةٍ، كان يُستعمل قديمًا كطيبٍ وعطرٍ، والورس نباتٌ أصفرٌ طيّب الرائحة.[٥]
- قص أو حلق شعر الرأس أو البدن أو إزالة شيءٍ منه؛ لقول الله -تعالى-: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ).[٦]
- تقليم أظافر اليدين أو القدمين.
- قتل الصيد أو الإعانة على الصيد والأكل منه.
- الجِماع وعقد النكاح.
الحكمة من محظورات الإحرام
حظر الله -تعالى- على الرجال والنساء بعد الإحرام مجموعةً من الأمور التي هي في أصلها مباحةٌ؛ تربيةً لأنفسهم وتهذيبًا لها، فالمسلم بالإحرام يترك ملذَّات ومتاع الدنيا المباحة؛ تعظيمًا لله -سبحانه وتعالى- وأوامره ونواهيه، وبيان تمام الخضوع والانقياد له، واستشعار المسلم المحرم بالحجّ والعمرة؛ لعظمة وهيبة النسك الذي هو مقدمٌ عليه من الحجّ أو العمرة، وعظمة وجلال من يُقدّم النسك إليه: الله -سبحانه وتعالى-، وقدسية المكان الذي سيؤدّي النسك فيه، وهو: مكّة المكرّمة عمومًا وبيت الله الحرام خصوصًا، وكلّ ذلك يزيد من إيمان المسلم، ويعزّز من تقوى الله -تعالى- في نفسه، قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).[٧][٣]
المراجع
- ↑ محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 248. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1838، حديث صحيح.
- ^ أ ب ت عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 38-40. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، آداب العمرة وأحكامها، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ "شرح حديث: ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/9/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:196
- ↑ سورة الحج، آية:32