حكم لبس الحذاء بالسعي
أجاز أهل العلم السعيّ والطواف بالحذاء؛[١] قياساً على جواز الصلاة بالنعال؛ فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُصلي ويطوف بنعاله، إذ ثبت في صحيح البخاري أنّ رجلاً سأل أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أكانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي في نَعْلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ)؛[٢][٣] وقد اشترط أهل العلم لجواز ذلك ما يأتي:[١]
- أن تكون النعال نظيفة طاهرة؛ فإن كانت متسخة أو بها نجاسة لم يجز السعيّ والطواف فيها.
- أن لا يترتب على لبسها أثناء السعيّ أو الطواف أيّ أذى لفرش المسجد؛ كأن تمتلأ بالتراب أو الغبار بسبب ذلك.
ولقد أشار أهل العلم إلى أنّ المساجد وأماكن السعيّ الطواف في المسجد الحرام؛ كانت مفروشة بالرمل والحصى، فلم يكن يترتب على لبس النعال فيها أذىً أو حرج؛ بينما تغيّرت وتبدلت الأحوال في هذا الزمان، حيث أصبح الناس يفترشون المساجد بالسجاد، ويُراعون الحفاظ عليها بعدم لبس النعال والأحذية فيها؛ فينبغي مراعاة أحوال الناس وعدم أذيّتهم بلبس النعال على فرش المساجد، وإن كانت نظيفةً طاهرة؛ وذلك لأمرين:[٣]
- إنّ فرش المساجد سريعة التأثر بالغبار والأتربة، وتحوّل لونها بسبب التلويث والدخول بالنعال.
- إنّ الغالب على الناس غفلتهم عن أحذيتهم ونعالهم، حين يدخلون بها إلى المساجد.
الحذاء الجائز للمُحرم لبسه
لبس النعال
من المعلوم أنّ الساعي بين الصفا والمروة، أو الطائف في البيت الحرام أثناء القيام بأداء مناسك العمرة؛ يكون بحالة الإحرام لا الحلّ؛ لذا وجب التنبيه إلى صفة الحذاء الجائز لبسه في هذه الحالة؛ وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك لصحابته -رضوان الله عليهم-.
حين سُئل -عليه السلام- عمّا يجوز للمُحرم لبسه في الإحرام؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ وَلَا الخُفَّيْنِ، إِلَّا أَنْ لا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا، حتَّى يَكونَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ)؛[٤]وعلى هذا لا يجوز للرجل المُحرم لبس الحذاء أو الخفّ الذي يُغطي الكعبين -العظمتين البارزتين عند أسفل القدمين-،[٥] ولا يجوز له لبس الأحذية التي تغطي ظاهر قدمه؛ فكما حُرّم عليه لبس ما يُفصّل أعلى بدنه، حُرّم عليه ستر قدميه.[٦]
من لم يجد النعال
إذا لم يجد المُحرم النعال أُجيز له لبس الأحذية الأخرى؛ على أن يتمّ قطعهما عند حد الكعبين، ويجعلها كالمكعب ثم يلبسها، وهذا مذهب المالكيّة والشافعيّة؛ بينما ذهب الحنابلة إلى جواز لبس الخفاف دون قطعها؛ وذلك لتعدد الروايات في هذه المسألة.[٥]
إذ ثبت القطع في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- الذي أشرنا إليه، بينما لم يرد ذلك في حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-؛ إذ ثبت في روايته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (... وَمَن لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ)؛[٧] وقد بيّن أهل العلم أنّ التشريع في المدينة المنورة كان بالقطع، عندما كانت الأعداد قليلة، يسهل معها القيام بقصّ الخفاف وقطعها.[٨]
بينما كان الإذن بعدم القطع في عرفات؛ حيث كانت الجموع كبيرة غفيرة، بلغ المسلمون فيها مائة وثلاثين ألفاً؛ مما يُصعب مع هذا العدد القطع، وإزالة ما كان عند حدّ الكعبين، لذا ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى القول بأنّ حديث ابن عباس ناسخٌ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهم جميعاً-؛ فيجوز لبس الأحذية التي تغطي الكعبين دون قطعها.[٨]
المراجع
- ^ أ ب "حكم السعي بالنعال"، طريق الإسلام، 2/10/2014، اطّلع عليه بتاريخ 10/5/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:386، صحيح.
- ^ أ ب عبد الله بن صالح الفوزان، منحة العلام في شرح بلوغ المرام، صفحة 361-362، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1177، صحيح.
- ^ أ ب البغوي، أبو محمد، شرح السنة للبغوي، صفحة 243، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 5، جزء 135. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5804 ، صحيح.
- ^ أ ب أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 6، جزء 12. بتصرّف.