أنواع الإحرام

أجمع الفقهاء على أنّ للإحرام ثلاثة أنواع؛ يجوز عقد النيّة على أيٍّ منها؛ بدلالة ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (خَرَجْنا مع النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في حَجَّةِ الوَداعِ، فَمِنَّا مَن أهَلَّ بعُمْرَةٍ، ومِنَّا مَن أهَلَّ بحَجٍّ...)،[١] وهذه الأنواع هي:[٢]


الإفراد

إنّ إحرام المسلم من الميقات لأداء نُسُك الحجّ وحده يُسمّى إفراداً؛ فيقول عند التلبية: "لبيك اللهم حجّاً"؛ ويظلّ مُحرماً حتى يُنهي أعمال الحجّ، وبعد أن يتحلل من حجّه جاز له أن يعتمر ما شاء.[٣]


القِرَان

يُقصد بالقِرَان أن ينوي المسلم -عند عقد نيّة النُسُك الإحرام- بالحجّ والعمرة معاً؛ فيقول: "لبيك اللهم عمرةً وحجّاً"، وهذا يقتضي بقاء المُحرم على صفة الإحرام إلى أن ينتهي من أعمال الحجّ والعمرة جميعاً، أو يُحرم بالعمرة، ثم يُدخل عليها الحجّ قبل الطواف.[٤]


التمتع

إذا اعتمر المسلم في أشهر الحجّ؛ أو قبل ذلك؛ ثم نوى الحجّ في عامه الذي اعتمر فيه سُمّي متمتعاً؛ وسبب هذه التسمية أنّ المُحرم انتفع بأداء نُسُكي الحجّ والعمرة في عام واحد، ولأنّ المُحرم يتمتع بعد التحلل بما يتمتع به غير المُحرم من لبس المخيط والثياب، وصفة التمتع تكون بأن يقول المُحرم عند الميقات: "لبيك اللهم عمرة"، وهذا يقتضي البقاء على صفة الإحرام حتى وصول مكة المكرمة، وإنهاء مناسك العمرة جميعها من الطواف والسعي.[٥]


وبعد ذلك يكون التحلل بالتقصير أو الحلق، وخلع ملابس الإحرام؛ فإذا كان يوم الترويّة أحرم للحجّ، وقد ذهب الجمهور إلى أنّ التمتع يُطلق على كل من جمع بين الحج والعمرة في سفر واحد في أشهر الحج، في العام ذاته؛ وأن يُقدّم العمرة على الحجّ، وأن يكون مكيّاً عند الإحرام للحجّ.[٢]


إطلاق وتعليق نيّة الإحرام

أجاز أهل العلم لمن أراد أن يُحرم إطلاق نيّة الإحرام؛ فلا ينوي أداء نُسُك الإفراد، أو القِران أو التمتع؛ لأنّ الإحرام يصحّ مع الإبهام أو الإطلاق، وللمُحرم بعد ذلك صرف إحرامه إلى أيّ نوع من أنواع الإحرام قبل الشروع بأداء النُسُك، والقيام بأعماله، وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ الأولى صرف الإحرام إلى العمرة؛ على اعتبار أنّ التمتع هو أفضل النُسُك عندهم.[٦]


وقد بيّن الشافعيّة والحنابلة إلى أنّ القيام بأيّ عمل من أعمال النُسُك قبل التعيين هو لغو لا يُعتدّ به؛ بينما قال الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ ما أتى به المُحرم من الشعائر وأعمالها يُعتدّ به، ولكن تعددت آراؤهم فيما تصرف نيّة هذه الأعمال، ويمكن الاطلاع على تفصيل ذلك في كتاب "الموسوعة الفقهية الكويتية".[٦]


وينبغي الإشارة إلى أنّ عقد نيّة الإحرام بالتعليق جائز عند أهل العلم؛ كأن يقول المُحرم: "لبيك اللهم إحراماً كإحرام فلان"؛ بأن يكون معه من نوى الحجّ، وأراد أن يقتدي به ويفعل مثله؛ واستدل المجيزون بفعل الصحابة -رضوان الله عليهم-، الذين أحرموا بتلبية كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجعلهم قارنين مثله، لمن ساق الهدي منهم.[٧]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:319، صحيح.
  2. ^ أ ب سيد سابق، فقه السنة، صفحة 655-657، جزء 1. بتصرّف.
  3. عبد الله الخياط، ما يجب أن يعرفه المسلم عن دينه، صفحة 98. بتصرّف.
  4. علي الرملي، فضل رب البرية في شرح الدرر البهية، صفحة 237-238. بتصرّف.
  5. حسين العوايشة، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، صفحة 277-278، جزء 4. بتصرّف.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 166، جزء 5. بتصرّف.
  7. أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 12، جزء 8. بتصرّف.