فضل يوم التروية

لقد عدّ العلماء أنّ فضل يوم الترويّة يدخل في مجمل فضل شهر ذي الحجة؛ إذ لم يرد في فضل هذا اليوم ما يخصّه عن غيره من أيام الشهر الفضيل، ويمكن بيان ذلك بما يأتي:


أقسم الله تعالى بها في كتابه

حيث قال -جلّ وعلا- فيها: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)،[١] فالليالي العشر هي الليالي الأولى من ذي الحجة، كما ذكرها الله -تعالى- بالأيام المعلومات التي حثّ عباده فيها على ذكره وشكره؛ قال -تعالى-: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ).[٢][٣]


أفضل أيام العمل الصالح

وقد دلّ على ذلك عدّة أحاديث نبويّة تحثّ على حسن استثمارها، والإكثار بها من الأعمال الصالحة والطاعات؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ)،[٤] والمراد بهذه الأيام هي العشر الأوائل من ذي الحجة، والتي يدخل من بينها يوم الترويّة؛[٥] ففي رواية أخرى: (ما من عملٍ أزْكَى عندَ اللهِ -عزَّ وجلَّ-، ولا أعظمَ أجرًا من خيرٍ يعملُهُ في عَشْرِ الأضحَى).[٦][٧]


خصّ النبي هذه الأيام بالصيام

وذلك لاعتبار أنّ الصيام من أفضل الأعمال التي يمكن للمسلم القيام بها في مثل هذه الأيام المباركة؛ فعن حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أربعٌ لم يكُنْ يدَعُهنَّ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: صيامَ يومِ عاشوراءَ والعَشْرَ-أيّ من ذي الحجة-..)،[٨][٩] حتى إنّ بعض العلماء عدّ صيام عرفة لغير الحاج له فضل أعظم من صيام باقي أيام ذي الحجة، ويليه بعد ذلك بالفضل صيام يوم الترويّة،[١٠] وصرّح آخرون من أهل العلم أنّ صيام يوم التروية له أجر تكفير ذنوب سنة ماضية.[١١]


مباهاة الله تعالى بعباده

إذا إنّ الله -سبحانه- يباهي بعباده الطائعين المقبلين عليه، من الحجيج ومن غيرهم؛ وذلك يوم عرفة حيث قال -صلى الله عليه وسلم- عن هذا اليوم: (يومُ مُبَاهَاةٍ)،[١٢] وفي حديث آخر قال -صلى الله عليه وسلم-: (وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[١٣][١٤]


غفران الذنوب

وذلك لمنّ نوى الحجّ أو العمرة في هذه الأيام الفضيلة من شهر ذي الحجة؛ فقد ثبت في فضل الحجّ المبرور والعمرة أحاديث كثيرة، نذكر منها: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ).[١٥][٥]


يوم التروية

هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، سمّي بذلك لترّوي الحجاج من الماء استعداداً ليوم عرفة، كما يسمّى بيوم النّقلة؛ لانتقال الحجاج إلى منى؛ ففي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّه قال: (فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلى مِنًى، فأهَلُّوا بالحَجِّ).[١٦][١٧]



مواضيع أخرى:

كل ما يهم حول التكبير في شهر ذي الحجة

شروط وصفات الحج المبرور

المراجع

  1. سورة الفجر، آية:1-3
  2. سورة الحج، آية:28
  3. مصطفى العدوي، دروس للشيخ مصطفى العدوي، صفحة 4، جزء 40. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:969 ، صحيح.
  5. ^ أ ب سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها العبادات في الإسلام، صفحة 2847، جزء 6. بتصرّف.
  6. رواه الدارمي، في سنن الدارمي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1774، حسنه الألباني.
  7. حسام الدين عفانة، فتاوى يسألونك، صفحة 451، جزء 8. بتصرّف.
  8. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن حفصة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6422، أخرجه في صحيحه.
  9. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 1، جزء 284. بتصرّف.
  10. المرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، صفحة 526، جزء 7. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 91، جزء 28. بتصرّف.
  12. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:20، إسناده حسن ورجاله ثقات.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1348، صحيح.
  14. الشقيري، السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات، صفحة 168. بتصرّف.
  15. رواه النسائي، في السنن الكبرى، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2630 ، حسن صحيح.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
  17. محمد محيي الدين حمادة، الركن الخامس، صفحة 295. بتصرّف.