حكم تأخير طواف الإفاضة

أجاز جمعٌ أهل العلم تأخير طواف الإفاضة إلى حين الخروج من مكة المكرمة، أيّ إلى وقت طواف الوداع، ولكن بعض أهل العلم ذهبوا إلى القول بالكراهة مع الجواز، وقالوا بلزوم الفديّة، ويمكن بيان ذلك بالنقاط الآتية:


القائلون بالجواز مع الفديّة

ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ طواف الإفاضة لا يُؤخر عن أيام التشريق، فإن أخره الحاج بعد أيام التشريق جاز مع الكراهة، وقالوا إن كان التأخير لعذر مُعتبر -كانتظار طهارة الحائض والنفساء- لم يلزم من هذا التأخير فديّة الجبران، أمّا إن كان التأخير من غير عذر لزم من ذلك فديّة الجبران.[١]


وذلك لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- طاف طواف الإفاضة في أيام التشريق، تحديداً يوم النحر؛ فكانت أيام التشريق هي الوقت المُعتبر لأداء هذا الطواف، وما حدث من تأخير يلزم منه الفديّة لجبر الخلل والنقص؛ لأنّ أفعال الحجّ تتم بأيام التشريق لا بغيرها.[١]


ورتّب القائلون بالجواز مع الكراهة شدّة كراهة تأخير طواف الإفاضة بحسب وقت التأخير، حيث عدّوا تأخير الطواف إلى ما بعد أيام التشريق أشدّ كراهة من تأخيره في أيام التشريق، كما عدّوا الخروج من مكة المكرمة دون طوافه أشدّ من ذلك كّله.[٢]


القائلون بالجواز دون فديّة

اختار فريقٌ آخر من أهل العلم جواز تأخير طواف الإفاضة دون لزوم الفديّة، أمّا إنّ كان التأخير إلى ما بعد شهر ذي الحجة لزمت الفديّة إن كان بغير عذر؛ جبران للخلل والنقص الذي تركه الحاجّ؛ بدليل قوله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ...)،[٣] وأشهر الحجّ هي: شوال، ذو القعدة، ذو الحجة، وتعبير القرآن الكريم بلفظ الجمع في "أشهر" يدلّ على أنّ آخر ما يقع من ركن الحجّ يكون في شهر ذي الحجة، وهذا ما رجّحه بعض أهل العلم، وقالوا عنه بأنّه أقوى الأقوال.[١]


آخر وقت لطواف الإفاضة

تعددت أقوال الفقهاء في آخر وقت لطواف الإفاضة؛ فمنهم من رأى أن آخر وقته أيام التشريق، ومنهم من رأى أنّ لا وقت لآخره؛ فيكون وقته العمر كلّه، وفيما يأتي بيان آرائهم:[٤]

  • ذهب الحنفيّة إلى أنّ آخر وقت طواف الإفاضة هو أيام التشريق.
  • ذهب المالكيّة إلى أنّ آخر وقت طواف الإفاضة هو شهر ذي الحجة، ويلزم على من أخرّه إلى ذلك الوقت الفديّة.
  • ذهب الشافعيّة والحنابلة وبعض الحنفيّة أنّ الأصل في طواف الإفاضة عدم التأقيت، إذ ليس هنالك دليل يُوجب فعله في أيام التشريق فقط، ولا يلزم من هذا التأخير الفديّة، ولكن لا يسقط عن الحاجّ -إذا لم يؤده- إلى آخر العمر، ولا يكفي عنه الفداء، ولا تحلّ النساء لمن لم يطفه أبداً حتى يرجع فيطوفه؛ لأنّه ركن من أركان الحجّ التي لا يكون التحلل إلا بأدائها.
  • اختار بعض أهل العلم الخروج من الخلاف، فقالوا إنّ الأحوط والأكمل أداء ها الطواف في أيام النحر، وتجنّب تأخيره عن ذلك لا سيما لمن لم يكن له عذر مُعتبر.

المراجع

  1. ^ أ ب ت محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 5، جزء 125. بتصرّف.
  2. أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 7، جزء 21. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:197
  4. كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 221، جزء 2. بتصرّف.