تُعرّف العمرة في اللغة بأنّها الزيارة، وفي الاصطلاح الشرعيّ؛ هي قصد الكعبة والقيام بالمناسك المتمثّلة بالطواف والسعي، ويرى الحنفيّة والمالكية أنَّها سنَّةٌ مؤكَّدةٌ مرَّةً واحدةً في العمر، بينما يعتبرها الشافعيّة والحنابلة فرضًا على التراخي، واتّفق جمهور العلماء على أنّ العمرة تصحّ في جميع أوقات السنة، ويجوز تكرارها، إلّا أنّها مكروهةٌ عند الحنفيّة في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة كراهةً تحريميَّةً.[١]


شروط وسنن العمرة


شروط العمرة

ويقصد بالشرط ما يلزم من عدمه انعدام وجود الحكم، ولا يلزَم من وجوده وجود الحكم ولا عدمه،[٢] وتتمثل الشروط التي وضعها الإسلام لتأدية شعائر العمرة والتي تتطابق مع شروط الحجّ أيضًا، بالآتي:[٣][٤]

  • الإسلام: وهو شرطٌ أساسيٌّ لجميع العبادات، وغير المسلم غير مكلَّفٍ بأدائها.
  • العقل: فالصغير والمجنون غير مكلَّفين بأدائها؛ لأنَّهما غير مطالبين بالأحكام الشرعيّة؛ فعن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ المجنونِ المغلوبِ على عقلِهِ حتَّى يُفيقَ، وعنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ قالَ: صدقتَ قالَ: فخلَّى عنها".[٥]
  • البلوغ: فالصبيُّ غير مكلفٍ بالعمرة حتى يحتلم ويبلغ؛ للحديث السابق.
  • الاستطاعة: لقوله الله تعالى في سورة آل عمران: (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)،[٦] وكذلك في العمرة، ويُقصد بالاستطاعة عند أهل العلم: وجود الزاد والراحلة، وبالنسبة للمرأة تتمثّل الاستطاعة كذلك بوجود المحرم، وألّا تكون معتدَّةً بعدَّةٍ من طلاقٍ أو وفاةٍ؛ لأنّ الله تعالى نهى المعتدّات عن الخروج، قال تعالى في سورة الطلاق: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ).[٧][٨]


سنن العمرة

ويقصد بسنن العمرة؛ كل ما عدا الأركان والواجبات، وهي كالآتي:[٩]

  • الغسل، والتطيّب للإحرام.
  • ركعتا الإحرام.
  • التلبية عقب الإحرام وبعد كلّ صلاةٍ.
  • طواف القدوم، وهو عند المالكية: واجبٌ أمّا عند سائر الفقهاء فهو سنَّةٌ.
  • ركعتا الطواف، وأداؤها واجبٌ عند الحنفيّة والمالكيّة.


حكم من ترك سنَّةً من سنن العمرة

من ترك أداء سنن العمرة فلا إثم عليه ولا دمٌ، إلّا أنّه لم يأتي بالأكمل الموافق تمامًا للسنة، قال الله -عزّ وجلّ- في سورة البقرة: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ).[١٠][١١]


أركان وواجبات العمرة


أركان العمرة

والركن هو ما لا يقوم الشيء إلا به، ويكون جزءًا من أجزائه،[١٢] وأركان العمرة ثلاثةٌ، بيانها آتيًا:[١٣]

  • الإحرام: وهو نية الدخول في مناسك العمرة المتمثلة بالطواف والسعي؛ لحديث النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).[١٤]
  • الطواف: أي الطواف بالكعبة المشرفة، وعن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال لأمِّ المؤمنين عائشة -رضيَّ الله عنها-: (طَوافُكِ بالبَيتِ وبينَ الصَّفا والمرْوَةِ يَكْفيكِ لحجَّتِكِ وعُمرَتِكِ).[١٥]
  • السعي بين الصفا والمروة: قال -تعالى-: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ[١٦] ولقوله -عليه الصَّلاة والسَّلام-:( طَوافُكِ بالبَيتِ وبينَ الصَّفا والمرْوَةِ يَكْفيكِ لحجَّتِكِ وعُمرَتِكِ).[١٥][١٧]


ما يترتّب على ترك ركنٍ من أركان العمرة

لا بدّ من أداء أركان العمرة كاملةً، فلا تصحّ العمرة بدونها، ومن ترك ركن النيّة بالإحرام لم ينعقد نسكه أصلاً وعليه أن يأتي بالنيّة، ومن ترك الطواف أو السعي لم تتمّ عمرته حتى يقوم بأداء الطواف والسعي بين الصفا والمروة، ودليل ذلك قول الله عزّ وجلّ: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ).[١٠][١٨]


واجبات العمرة

فيما يلي بيانٌ لواجبات العمرة:[١٩]

  • الإحرام من الميقات المعتبر له؛ فقد روي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: "وقَّتَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأَهلِ المَدينَةِ ذا الحُلَيفَةِ، ولِأهلِ الشَّامِ الجُحفَةَ، ولِأَهلِ نَجدٍ قَرنَ، ولِأَهلِ اليَمَنِ يَلَملَمَ، قال: هُنَّ لهم، ولِمَن أتى عليهنَّ مِمَّن سِواهم، مِمَّن أَرادَ الحَجَّ والعُمرَةَ، ثم مِن حيث بدَأَ، حتى بلَغَ ذلك أَهلُ مكَّةَ".[٢٠]
  • الحلق أو التقصير للرجال، والتقصير من أطراف الشعر للمرأة.[٢١]


حكم من ترك واجبات العمرة

ذكر أهل العلم أنّ من ترك واجبًا من واجبات العمرة؛ فعليه دمٌ، أي: ذبح سُبُع بَدَنة، أو سُبع بقرة بمعنى: أنَّه يشترك بها سبعة، أو واحدة من الضأن والمعز؛ ودليل ذلك ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: "مَن ترك نُسُكًا أو نسيَه فليُهرِقْ دمًا".[٢٢][١٩]





المراجع

  1. [سعيد حوَّى]، كتاب الأساس في السنة وفقهها، صفحة 2826. بتصرّف.
  2. د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني (2/3/2020)، "الشرط في الفقه وأقسامه"، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 26/11/2021. بتصرّف.
  3. [التويجري، محمد بن إبراهيم]، كتاب موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 225. بتصرّف.
  4. [سعيد بن وهف القحطاني]، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 94-97. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4401، صحيح .
  6. سورة آل عمران، آية:97
  7. سورة الطلاق، آية:1
  8. [وهبة الزحيلي]، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 2093. بتصرّف.
  9. [وهبة الزحيلي]، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 2272. بتصرّف.
  10. ^ أ ب سورة البقرة، آية:196
  11. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري، الفقه الإسلامي/سنن العمرة:/i582&d919225&c&p1 "كتاب موسوعة الفقه الإسلامي"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 27/11/2021. بتصرّف.
  12. [سعيد بن وهف القحطاني]، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 306. بتصرّف.
  13. [سعيد بن وهف القحطاني]، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 318. بتصرّف.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، صحيح.
  15. ^ أ ب رواه الألباني ، في صحيح أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1897، صحيح.
  16. سورة البقرة ، آية:158
  17. جنة الإشراف العلمي ، "الفصل الثَّالث: حُكْمُ السَّعيِ والتطَوُّعِ به"، الدرر السّنيّة، اطّلع عليه بتاريخ 27/11/2021. بتصرّف.
  18. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري، الفقه الإسلامي/سنن العمرة:/i582&d919225&c&p1 "كتاب موسوعة الفقه الإسلامي"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 27/11/2021. بتصرّف.
  19. ^ أ ب الشيخ عادل يوسف العزازي (18/11/2013)، "أركان وواجبات الحج وأحكام العمرة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/11/2021. بتصرّف.
  20. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3148، صحيح.
  21. فتاوى الشيخ ابن باز، "حكم تقصير الشعر للمرأة في الحج والعمرة"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 27/11/2021. بتصرّف.
  22. رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن سعيد بن جبير، الصفحة أو الرقم:397/1، صحيح.