صلاة الطواف

يٌقصد بها الركعتين التي يصليهما المُسلم بعد إنهائه الطواف حول الكعبة بأشواطه السبعة، ويُتحسن أداء هذه الركعتين خلف مقام إبراهيم الخليل -عليه السلام-، فإن تعذّر ذلك جاز أداؤهما بأي مكان داخل الحرم الشريف.[١]


وقيل يصحّ أداؤهما بأيّ مكان تصحّ فيه الصلاة، سواء داخل الكعبة أم خارجها، وسواء داخل الحرم أم خارجه، ويكره عند الجمهور الانتقال من الطواف إلى غيره من المناسك دون أداء هاتين الركعتين، بالإضافة إلى أنّ المستحب بعدهما استلام الحجر الأسود ثم الخروج إلى السعي بين الصفا والمروة.[٢]


كما يُسّن أن يُقرأ فيهما سورتي الإخلاص والكافرون؛ وذلك لما ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّه قال في وصف حجّة النبي -صلى الله عليه وسلم- وطوافه: (... ثُمَّ نَفَذَ إلى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عليه السَّلَام، فَقَرَأَ: "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى"، فَجَعَلَ المَقَامَ بيْنَهُ وبيْنَ البَيْتِ، فَكانَ أَبِي يقولُ -وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إلَّا عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: كانَ يَقْرَأُ في الرَّكْعَتَيْنِ "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" وَ"قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ"، ثُمَّ رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ...).[٣][١]


حكم ركعتي الطواف

تعددت آراء الفقهاء في حكم صلاة الطواف أو ركعتي الطواف إلى ثلاثة أقوال؛ وقد استدلّ أصحاب كل قول بعدد من الأدلة والنصوص الشرعيّة الثابتة، وبيان ذلك على النحو الآتي:[٤]

  • أنّهما سنة مؤكدة، ومن تركها لم يترتب عليه شيء؛ وهو قول الشافعيّة -في الأصح عندهم-، والحنابلة، وأحد أقوال الحنفيّة والمالكيّة، وهذا ما رجّحه جمعٌ من أهل العلم.
  • أنّهما واجبتان؛ ولكنّهما ليستا شرطاً لصحة الطواف، ومن تركهما بعد الطواف لزمه أداؤهما، دون التقييد بزمان أو مكان؛ وهو قول الحنفيّة، الشافعيّة -في أحد الأقوال-، ورواية عن الإمام أحمد.
  • أنّهما واجبتان؛ يجب أداؤهما بعد الطواف في حال الطهر، فإن نقض الوضوء قبل أدائهما؛ وجب إعادة الطواف وأداؤهما إذا كان الطواف واجباً، على أن لا يتباعد زمن ذلك، فإن تباعد جاز أداؤهما مع وجوب الفديّة بذلك؛ وهو مذهب المالكيّة في المشهور عندهم.


حكم أداء ركعتي الطواف وقت النهي

أفتى بعض الفقهاء بجواز أداء ركعتي الطواف في أوقات النهي أو الكراهة؛ وهو مذهب الشافعيّة، وإحدى الروايات عن الإمام أحمد، وفعل جمهور الصحابة ومن بعدهم من التابعين؛ استدلالاً بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (يا بَنِي عَبْدِ مَنافٍ، لا تَمْنَعُوا أحدًا طَافَ بهِذا البيتِ، وصلَّى أَيَّةَ ساعَةٍ شاءَ من لَيْلٍ أوْ نَهارٍ).[٥][٦]


وذهب آخرون إلى عدم جواز ذلك؛ استدلالاً بعموم الأحاديث التي تنهى عن الصلاة في أوقات النهي، وبفعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ أنّه طاف بعد صلاة الصبح، ولكنّه لم يصلِ ركعتي الطواف، وخرج من مكة المكرمة حتى طلعت الشمس، ثمّ صلاها بذي الطوى؛ وهذا ما ذهب إليه الحنفيّة والمالكيّة، وإحدى الروايات عند الإمام أحمد.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد بن عمر بازمول، بغية المتطوع في صلاة التطوع، صفحة 150-153. بتصرّف.
  2. محمد نعيم ساعي، موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي، صفحة 378، جزء 1. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
  4. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 180-182، جزء 58. بتصرّف.
  5. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم:868، حسن صحيح.
  6. ^ أ ب عيد بن سفر الحجيلي، تحقيق المقام فيما يتعلق بأوقات النهي عن الصلاة من أحكام، صفحة 267-268. بتصرّف.