المدة بين العمرة والعمرة

لم يرد في الشرع تحديد مدّةٍ معينةٍ بين العُمرة والأخرى، فلو أدّى المسلم العُمرة كلّ أسبوعٍ جاز ذلك منه دون أي بأسٍ أو حرجٍ، وحدّد بعض أهل العلم المدّة بين العُمرة والتي تليها بظهور شعر الرأس بمقدارٍ يمكن حلقه في العُمرة التالية، أي بما يقدّر تقريباً بأسبوعٍ أو عشرة أيامٍ، ونصّ ابن قدامة في المغني في بيان ذلك: "وقال عليٌّ -رضي الله عنه- في كلّ شهرٍ مرةً، وكان أنسٌ إذا حمّم رأسه خرج فاعتمر، رواهما الشافعيّ في مسنده، وقال عكرمةُ: يعتمرُ إذا أمكن الموسى من شعره، وقال عطاءٌ: إن شاء اعتمر في كلّ شهرٍ مرّتين، وقال أحمد: إذا اعتمر فلا بدّ من أن يحلق أو يقصّر، وفي عشرة أيامٍ يمكن حلق الرأس"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والذي نص عليه أحمد أنّه لا يستحبّ الإكثار من العمرة لا من مكّة ولا غيرها بل يجعل بين العمرتين مدةً ولو أنّه مقدار ما ينبت فيه شعره ويمكنه الحلاق -يعني الحلق-".[١]


تكرار العمرة في اليوم الواحد أكثر من مرةٍ

الأفضل ترك مدةٍ بين العُمرة والأخرى، والأفضل عدم تكرار العُمرة أكثر من مرةٍ في اليوم الواحد؛ لِما في ذلك من المشقّة والضرر الذي يلحق المعتمر، والحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه في فضل تكرار العمرة عن الصحابيّ أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ)،[٢] لا يعني تكرار أداء العُمرة بصورةٍ تُلحق الأذى والضرر بالمعتمر، ولذلك لم يرد عن السلف الصالح أنّهم كانوا يكرّرون العُمرة في اليوم الواحد، ويُحمل قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث السابق على تكرار العُمرة على تكرارها بصورةٍ لا تُسبّب الأذى والضرر بل بتكرارها بترك مدةٍ زمنيةٍ بين كلّ عُمرةٍ وأخرى، كأداء عمرةٍ في كلّ أسبوعٍ أو في كلّ شهرٍ وليس في كلّ يومٍ عمرةٍ.[٣]


فضل العمرة وأجرها

وردت عدّة أحاديث نبويةٍ تُثبت فضل وأجر أداء العُمرة، من تلك الفضائل: أنّ العمرة سببٌ من أسباب تكفير الذنوب والخطايا ونيل الأجور والحسنات، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ)،[٤] ويُضاف إلى ما سبق من فضل العمرة أنّه سببٌ لنفي الفقر عن العبد المسلم، لِما ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهُما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفِي الكيرُ خبثَ الحديدِ)،[٥] فالعُمرة عبادةٌ عظيمةٌ وأجرها عظيمٌ وثوابها جزيلٌ.[٦]


المراجع

  1. محمد صالح المنجد، "هل يجوز تكرار العمرة ؟ وكم يكون بينهما ؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6/3/2022. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، صحيح.
  3. فريق الموقع، "حكم تكرار العمرة في اليوم الواحد عدة مرات"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 6/3/2022. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2629، صحيح.
  6. د. أمين بن عبدالله الشقاوي، "فضل العمرة وصفتها"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 6/3/2022. بتصرّف.